Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | الخليج
Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

بيتر بينشلي يكتب في غرفة زجاجية بقاع المحيط

$
0
0
القاهرة: «الخليج»

مع انتصاف القرن العشرين توالت الاكتشافات الجديدة، وتفتحت آفاق لم تطرق من قبل، فانطلق العلم يغزو الفضاء، ويغوص في أعماق البحار، واكتسبت المعرفة البشرية كماً هائلاً من مستجدات لم يكن لها من رصيد، ولئن ظل عالم الفضاء سراً منغلقا بسبب الأبعاد السحيقة لأجرامه، والمتطلبات التي تلزم لرحلات الاستكشاف، فإن البحر باح بالكثير من خفاياه، فقامت نوادي الغوص في أنحاء العالم، وانتشرت رياضيات الإبحار في القوارب واليخوت، ونظمت مسابقات الصيد، وفي تلك الفترة الزمنية ظهر الكاتب «بيتر بينشلي» (8 مايو 1940 - 11 فبراير 2006).
يعتبر بينشلي من ألمع الكتّاب المعاصرين، وقد ولد في عائلة من الكتّاب، اشتهر أبوه بالقصص القصيرة التي نشرتها له جريدة النيويورك، وكان جده أحد عباقرة القصص الفكاهي في العشرينيات من هذا القرن، غير أن الابن «بيتر» الذي تخرج في هارفارد، وسافر حول العالم لمدة سنة، عاد من رحلته الطويلة بكتابه الأول «الزمن وتذكرة السفر»، كتاب تسجيلي نشر عام 1964، وعمل بعدها مراسلاً للواشنطن بوست، ثم محرراً في النيوزويك، ثم عين كاتباً للخطب في إدارة الرئيس الأمريكي جونسون ثم تحول بعدها إلى صحفي حر.
وفجأة في أوائل السبعينيات خرج بيتر على العالم بقصته «الفكان»، التي عرفت باسم «الفك المفترس»، ولم تمض شهور قليلة على ظهورها حتى تجسدت في فيلم سينمائي لاقي نجاحاً مدوياً، نشرت الرواية عام 1974 وتحولت إلى فيلم في العام التالي على يدي المخرج ستيفن سبيلبرج، ثم بعد ذلك تحولت روايتاه «الجزيرة» و«الأعماق» إلى فيلمين مشهورين، حيث تدور رواياته في أعماق البحار أو في الجزر القريبة من البحر، حتى إن البعض شبّه طريقة عمله بأنه «يكتب في غرفة زجاجية مشيدة في قاع المحيط».
يقول بيتر بينشلي، إنه استقى معلوماته عن «القرش» خلال فترات الصيف التي قضاها في صباه على شاطئ «ناناكيت»، حيث تكثر القروش، وقد نجح في اقتحام مجال لم يسبقه إليه أحد، فالذين تناولوا البحر بأقلامهم فعلوا ذلك مروراً عابراً، دون الغوص في أعماقه، وجاءت الكتابات أنسجة من الخيال بأكثر منها صوراً للحقيقة، حتى «همنجواي» ذهب في رحلته إلى البحر، ليغوص في أعماق الصياد العجوز الذي صبر طويلاً على حلمه مع البحر، ولم يمس البحر إلا بخدش بسيط.
في «الفكان» صور «بينشلي» القرش الذي وجد في أحد شواطئ الاستحمام موطناً لغذائه، وافترض أيضاً أن وحوش البحر قادرة على حمل الضغينة للإنسان، وفي مناطق الكاريبي والساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة توجد فصائل القرش المعروفة بعدوانيتها وعدائها للبشر وأنها تقتل للقتل، دونما حاجة للطعام، بعض الفصائل الأخرى من فصائل القرش، تتصف بالسلبية تجاه الإنسان، إلا أنها تتحول إلى الضراوة عند الإحساس بالخطر، أو عند استشعار رائحة الدم، وكان هناك أساس واقعي لقصة بينشلي، وكان الكتاب فتحاً روائياً مثيراً، على حد تعبير الناقد الأدبي «جون بركهام» وقصة مذهلة، كما وصفتها «شيكاغو تريبيون».
نشر «بيتر بينشلي» روايته «حسناء جزيرة كورتيز» في عام 1982 وتعتبر أول رواية تترجم للكاتب إلى اللغة العربية، وقد ترجمها إلى العربية عبد العزيز مصطفى، وتدور أغلب أحداثها في الأعماق، من خلال قصة مودة عميقة، تربط بين فتاة وسمكة المانتا «حدأة البحر»، واختار الكاتب لقصته سلالة مسالمة من أسماك القرش، والعديد من الكائنات البحرية.
كما أن الرواية تدور في بحر كورتيز، الذي نشأ عن تصدع في الأرض على ساحل كاليفورنيا، حيث تمزقت الأرض عن شق هائل اتصل بالمحيط الهادئ، ليتكون الخليج الضخم، الذي يشبه كثيراً «خليج العقبة».
وفي رواية «الجزيرة» سلك بينشلي اتجاهاً جديداً، فقد زار مناطق الكاريبي، ومجموعة الجزء المتناثرة في مواجهة السواحل الجنوبية للولايات المتحدة، والتقى الكثيرين من أهالي الجزر الذين أكدوا أنهم من سلالات القراصنة، وفي أواخر القرن الثامن عشر التقت أفكار الأوروبيين على تجريم أنشطة القراصنة، وانتهى عصر القراصنة الذهبي، حيث تحولوا إلى صيد الأبقار البرية، وقد دعم بينشلي روايته بآراء تاريخية لكتّاب ثقات، حتى لتبدو قطعة من التاريخ، وارتبطت أحداثها ارتباطاً وثيقاً بالتسلسل الطبيعي لما تحولت إليه تلك الفئة.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>