لا يمكن أن تخطئ العين جناح «الصنعة» داخل القرية العالمية.. فهو يحتل موقعاً متميزاً في قلب القرية النابض بالحياة والحيوية، ويعتبر في مركز الساحة الثقافية مواجهاً للمساحة الخضراء الواسعة التي تقع خلف البوابة الثقافية ومن خلفه تمتد المساحة المؤدية إلى منطقة الملاهي وشارع أكشاك الطعام وكما يقع في محيط المسرح الكبير.. الأمر الذي يجعله مقصداً لكل زوار القرية، الذين يجدون بداخله تشكيلة متنوعة من المنتجات الإماراتية التي صنعتها أيادي وعقول وإبداعات أكثر من 50 أسرة منتجة من كافة أنحاء الإمارات وتتضمن إبداعات ربات بيوت أو شباب وفتيات يتمتعون بالموهبة والقدرة على الابتكار في التصميم ويجدون في القرية العالمية فرصة مناسبة لعرض إنتاجهم المتميز على جمهور واسع من الناس في أكثر الوجهات السياحية انتشاراً واستقطاباً للزوار بفعالياتها المبهجة وحفلاتها الغنائية وتنوع منتجها الثقافي والتجاري مما يجعل لكل زائر فرصة أكيدة وحقيقية للاستمتاع مع كل أفراد أسرته.
يتميز جناح الصنعة التابع لوزارة تنمية المجتمع، بوجود منفذ تسويقي داخلي عبارة عن محل تجاري يدعم 20 أسرة منتجة لتسويق منتجاتها دون مقابل، وتقوم إدارة برامج الأسر المنتجة بالوزارة بإدارة المحل بشكل متكامل، فيما تتعدد الفئات المشاركة بالمحل لتشمل أصحاب الهمم والأرامل والمطلقات والأم وابنها والشباب المسجلين في مبادرة أنامل إماراتية.
كما تتميز المنتجات بالجناح بتنوعها الكبير وقدرتها على إرضاء جميع الأذواق وتشمل المنتجات المعروضة، الأزياء العصرية والعطور والعبايات والملابس والاكسسوارات النسائية وملابس الأطفال، إضافة إلى الأواني المنزلية وأدوات التصميم والديكور، وكلها تم إنتاجها بطريقة إبداعية ومبتكرة وتمزج بين روح الماضي والحاضر بأسلوب عملي وحديث وتلبي احتياجات ورغبات كل الزوار.
خصوصية الجناح
ويصحبنا سالم بن عيسى المسؤول عن الجناح في جولة داخل الجناح، الذي يحظى بتدفق الكثير من الزوار الباحثين عن أشياء مميزة وحرفية يغلب عليها اللمسة الشخصية التي لن يجدوها في أي مكان آخرو يحدثنا عن أهمية وخصوصية هذا الجناح ويقول: الصنعة هو جناح تابع لوزارة تنمية المجتمع وهو يضم إنتاج مجموعة من المشروعات الصغيرة الإماراتية.. ويحمل الجناح 43 محلاً يتم تأجيرها بأسعار رمزية للأسر المنتجة وشرط الاشتراك في الجناح هو أن يكون الإنتاج مميزاً ويحمل روح الابتكار فكثير من المشاركين يقدمون حرفاً يدوية، لكن بصورة حديثة وعصرية وبأدوات تواكب العصر.. ففي كل قطعة معروضة هناك فكرة جديدة وابتكار مميز.. فمثلاً البعض قد يسوق «الفنار» وهو المصباح الإماراتي التقليدي، لكن بعد أن يضيف إليه ميزات أخرى مثل شاحن للموبايل، إضافة إلى إنذار للاستيقاظ أو ساعة رقمية فتصبح القطعة متعددة الوظائف بأسلوب عصري، لكنه يحتفظ بنفس الشكل القديم.
الجودة والمهارة
ويؤكد: الفكرة من هذا الجناح هو تقديم الدعم للأسر الإماراتية والعائلات والشباب، الذين يريدون إنتاج أشياء مميزة تقدم للأسرة دخلاً إضافياً ومن دون أن يضطروا للنزول إلى سوق العمل المباشر؛ حيث يمكنهم تأدية معظم العمل في المنزل.. وكل أسرة تحظى برعاية وزارة تنمية المجتمع؛ حيث يتم عقد محاضرات وورش عمل تناسبهم وتساعدهم على تطوير إنتاجهم.. وهذا التدريب مهم للغاية حتى يستطيع هذا المنتج أن ينافس الشركات الكبيرة الموجودة في الأسواق لأن الجودة والمهارة والدراسة شروط أساسية للمنافسة.. وهناك أمثلة عديدة لبعض الأسر المنتجة التي نجحت في منافسة شركات عالمية مثل بعض صانعي العطور، الذين نجحوا بفضل مساعدة ودعم وزارة تنمية المجتمع في أن تكون لهم شركاتهم الخاصة وإنتاجهم الخاص الناجح فيما يخص المبيعات وأصبحوا قادرين على المنافسة في السوق رغم وجود شركات عالمية كبرى.
طباعة الليزر
ويضيف سالم بن عيسى: أنا متطوع في تحمل مسؤولية هذا الجناح منذ 6 سنوات منذ أن كان يحمل اسم «فرصتي» وهذا العام يحمل لأول مرة اسم «الصنعة»، وفي نفس الوقت أشارك بعملي الخاص في احد المحلات بالجناح.. أتخصص في طباعة الليزر؛ حيث قمنا بابتكار وضع السمات الشخصية لكل شخص على ممتلكاته.. فيمكن مثلاً أن يطبع الشخص اسمه أو صورة يحبها أو شعاراً على سماعات البلوتوث أو غطاء الموبايل أو غيرها من الأدوات التي يستخدمها باستمرار.. وهناك أيضاً نشاط الحفر على الخشب أو وضع لوجو الشركات على الدروع والهدايا التذكارية والأدوات المختلفة.. وسرعان ما أصبحنا نجد الفنادق مثلاً تأتي إلينا لنطبع شعار الفندق على أدوات المائدة.. لقد أصبح هناك مئات الاستخدامات التي يمكن استخدام طباعة الليزر فيها؛ حيث إننا نقوم بالطباعة على مختلف أشكال المواد مثل الخشب والمعدن والإكريلك وغيرها وهو ما فتح الباب أمام ابتكارات لا حد لها.
واصطحبني سالم في جولة تعريفية بالجناح الزاخر بإبداعات ومهارات الأسر الإماراتية المشاركة ويحدثنا عن محلين يتصدران مدخل الجناح؛ حيث يقومان بعرض إنتاج مراكز تنمية المجتمع بالدولة من مختلف الإمارات ويحظى أعضاء هذه المراكز بفرصة عرض منتجاتهم بالجناح مجاناً بدعم من الوزارة.. كما يوجد في العرض منتجات من طلاب كليات التقنية وعائد هذه المنتجات يعود للأسر المنتجة بالكامل كنوع من الدعم والتشجيع لهم للاستمرار في إنتاج الحرف اليدوية الإماراتية بشكل فني.
المباخر الفخارية
وأثناء جولتنا بالجناح توقفنا أمام أحد المحلات للأسر المنتجة لصاحبته شيخة عيسى الشامسي، التي حدثتنا عن نشاطها وقالت: «أقوم بإعادة جماليات الفخار عن طريق جلب المباخر الفخارية التقليدية وتنظيفها ثم أصبغها وأرسم عليها بالديكوباج وأستخدم تصاميم مختلفة في هذا العمل؛ حيث يمكن أن استخدم التصميم بورق الأرز أو المحارم وكل مراحل التنفيذ تتم بأدوات يدوية وأصبغها بالفرشاة، بعد أن أرسم التصميم بشكل يدوي ومن دون استخدام أي ماكينات خاصة».
وتستغرق القطعة الواحدة حوالي ساعة من العمل في تزيينها وأحيانا أستخدم أسلوب التزيين بقطع الكريستال واللؤلؤ.. وأعيد تشكيل وتزيين بعض القطع بشكل الدلة الإماراتية الشهيرة ليكون المنتج مميزاً ويحمل بصمة خاصة.. فكل قطعة لها شخصيتها وليس لها مثيل في أي مكان آخر؛ حيث لا يمكن أن تتكرر نفس القطعة مرتين أبداً. وتضيف شيخة الشامسي: أشارك في القرية العالمية منذ 4 سنوات ومشاركتي تكون مفيدة للغاية فأحظى بفرصة التفاعل مع الزوار فأعرفهم بمنتجاتي وأتعرف إلى حاجة السوق وأقوم بتكوين شبكة واسعة من الزبائن تستمر طلبياتهم حتى بعد انتهاء موسم القرية العالمية.. فهي تحقق تسويقاً جيداً لشخص مثلي يعمل من المنزل.. وأعتقد أن هذا الجناح يقدم دعماً مثالياً للأسر الإماراتية.. فأنا على سبيل المثال ربة منزل ولدي موهبة أحب استغلالها وتنميتها.. وحالياً أطور ذاتي وأتعلم فنون ومهارات جديدة لأكتسبها وأضيفها إلى منتجاتي.. ولأن الإيجار الرمزي الذي ندفعه في المحلات داخل هذا الجناح لا يمثل عبئاً فهو يعتبر دعماً حقيقياً للأسر الباحثة عن الدخول في سوق الإنتاج والعمل.. وأعتقد أن القرية العالمية كمنتزه مثالي للأسر من كل الجنسيات تمثل سوقاً مهمة للأنشطة العائلية وخلق الطلب على مثل هذه المنتجات التي نقدمها.
أصالة النقوش
أسماء حسين التي تدير محل ملابس وعبايات بجناح الصنعة تقول: هذا هو العام الرابع الذي أشارك فيه بالقرية، حيث تقدم بالمحل العبايات والجلابيات من تصميم أحمد السويدي صاحب المحل، والذي يمتلك مشغلاً صغيراً في البيت ويستخدمه في تصميم العبايات والملابس النسائية كعمل إضافي بجوار عمله الأساسي.
وهي هواية تحوّلت إلى مشروع وهو يقوم باختيار ونسج الموديل ورسم أشكال التطريز المناسب.. وحالياً وبعد النجاح والإقبال الذي حققته هذه الملابس بالقرية استعان بخياط لتنفيذ هذه القطع وتتميز تصميماته بالتفرد والرقي وأصالة النقوش والرسوم والتطريز.
المباخر المزركشة
أسماء مكي مسؤولة البيع في محل للمباخر والاكسسوارات تقول: إن هذه المباخر المزركشة والمميزة هي من صنع 4 أخوات إماراتيات يتمتعن بالموهبة في تزيين المباخر وتصميم الإكسسوارات، ويقمن بعملهن من البيت وينتهزن فرصة المشاركة بجناح الصنعة بالقرية العالمية لتسويق منتجاتهن وعرض مشغولاتهن التي تتميز بمستوى عال من الجودة في التصميم والخامات، الأمر الذي يجعلها قادرة على المنافسة، حيث تحقق إقبالا كبيرا من السياح والأجانب الذين يقدرون المشغولات اليدوية والقطع الفنية الفريدة
خلط العطور
أثناء جولتي بالجناح الذي لا يمكن أن تستقر عينيك على منتج بداخلة دون أن يحمل الطابع الإماراتي، ويتسم بفنونه وروحه الابتكارية، رصدت عيوني محلا لبيع العطور يتوافد عليه الزوار فاقتربت منه وتعرفت إلى كلثوم المسؤولة عن البيع بالمحل،
وتحدثنا كلثوم (من المغرب التي تقيم في دبي منذ سنوات) وهي تدير أحد محال العطور بالجناح فتقول: «أنا أعمل على تسويق العطور من تنفيذ صاحب المحل وهو شاب إماراتي «سيف الشامسي» عمره 25 عاما، ويقوم بخلط العطور بنفسه وتصنيعها ويبدع في تنفيذ خلطات العطور العربية والفرنسية، والطريف أن العطور العربية تحظى بكثير من الإعجاب من جانب الزوار الأجانب الذين يقبلون عليها.. بينما الزوار العرب يميلون لشراء خلطات العطور الفرنسية، وهذا يجسد روح القرية العالمية، حيث يتجه الزوار لمحاولة اكتشاف ثقافات مختلفة ويقبلون على العطور المصنعة يدويا من الزيوت العطرية لما بها من ابتكار وفكر جديد ومختلف عن الشائع في الأسواق.