أكد خبراء قانون أن القرارات الأخيرة المتعلقة بتوقيع النيابة الغرامات على الجنح والمخالفات البسيطة، مثل الشيكات المرتجعة بقيمة تقل عن 200 ألف درهم، دون إحالتها للمحاكمة خطوة إيجابية تصب في صالح المجتمع وتسهم في دعم الشركات المتوسطة والصغيرة. إلا أنهم لفتوا في تصريحات ل«الخليج» إلى أهمية العمل على إيجاد حلول جذرية لمشكلة تجريم الشيكات المرتجعة، مطالبين بتشريع يفرض عقوبات مدنية عليها ومعاملتها باعتبارها ديناً مدنياً ما يوفر الكثير من الأعباء على الجهات المعنية.
قال حبيب الملا الخبير القانوني إن الإجراءات الأخيرة متعلقة بجرائم وجنح بسيطة ارتأى المشرع أنها ليست من الأهمية بحيث تمر بكافة الإجراءات التي يستوجبها قانون العقوبات أو أنها تشكل عبئاً إدارياً كبيراً لا يتناسب مع طبيعة هذه الجنح أو الجرائم، فأوجد لها المشرع حلاً إدارياً يحقق الغاية المرجوة من العقوبة أو الردع المجتمعي دون إثقال كاهل النيابة والمحاكم بإجراءات متعددة.
لكنه لفت إلى أن هذه الخطوة لا تحل بشكل جذري مشكلة الشيكات المرتجعة ولا تتعرض إلى أصل وجذر المشكلة، ولفت إلى أن أهمية العمل على مواجهة المشكلة بشكل مباشر، بدلا من الحلول الجزئية مثل قانون الإفلاس والإجراءات الأخيرة. وأكد أهمية التوصل إلى إصدار تشريع يجعل عقوبة الشيك المرتجع عقوبة مدنية، ويعاملها باعتبارها ديناً مدنياً بحسب الأصل والطبيعة والنشأة وينزع الصفة الإجرامية من هذا الفعل، ويريح الشرطة والنيابات والمحاكم من عملية تحصيل ديون أشخاص أساؤوا تقدير الظروف المالية للجهات أو الأشخاص الذين يتعاملون معهم.
وكانت النيابة العامة في دبي أعلنت مؤخراً بدء العمل بنظام الأمر الجزائي إنفاذاً للقانون رقم (1) لسنة 2017 الصادر من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي. ويخوّل الأمر الأميري النيابة العامة سلطة إصدار الأمر الجزائي بتوقيع الغرامة في قضايا الجُنَح والمخالفات البسيطة بدلاً من إحالتها إلى المحكمة بما يخدم في رفع كفاءة العمل القضائي بصورة عامة. وتبدأ دبي تنفيذ نظام جديد تشمل إجراءاته غرامات بدلا من السجن لعدد من الجنح مثل الشيكات المرتجعة بقيمة لا تزيد على 200 ألف درهم، والتشهير والإهانة والتخلف عن دفع الإيجار، اعتباراً من ديسمبر القادم. ووفقا للنظام الجديد ستكون غرامة الشيك المرتجع بقيمة 50 ألف درهم قرابة ألفي درهم، فيما تتراوح بين 5 و10 آلاف درهم في حال كانت قيمة الشيك تتراوح بين 100 ألف و200 ألف درهم.
وقال الخبير القانوني عصام التميمي إن هذه الخطوة إيجابية، خاصة إن المعاملات التجارية الكبيرة التي تحتاج إلى درجة أكبر من الحماية عادة ما تتجاوز الشيكات فيها مبلغ 200 ألف درهم، بفارق كبير، ولفت إلى أن الشيكات الصغيرة هذه عادة ما تكون مرتبطة بأفراد كقسط بيت أو سيارة أو بصغار التجار الذين لن يفيد الدائن من دخولهم السجن، بل على العكس ربما يكون في وجودهم خارج السجن فرصة أفضل تساعدهم على توفير السيولة اللازمة لتغطية التزاماتهم المالية. وأكد أن الطريق للمحاكمة المدنية يبقى مفتوحا أمام الدائن ليتمكن من استرداد حقوقه، لافتاً إلى إن حق الدائن في نهاية المطاف محفوظ.
من جانبه قال عبد الله كلداري الشريك لدى مجموعة «كلداري» للمحاماة والاستشارات القانونية إن هذه الخطوة سوف تسهم في رفع كفاءة العمل القضائي إلى حد كبير من خلال تسريع عملية البت في مثل هذه الدعاوى، ومن دون تحويلها إلى المحاكم.
دعم «الصغيرة و المتوسطة»
أكد عبد الله كلداري أن هذه الخطوة ستدعم بلا شك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من عدة جوانب، إذا كانت قضايا الشيكات المرتجعة تتسبب في تعطيل أعمال تلك المؤسسات في بعض الأحيان، نظراً لضرورة تواجد شخص أو أشخاص متفرغين لمتابعة هذه القضايا، والتي كانت أحياناً تستمر لعدة أشهر، ناهيك عن الأضرار المادية الناجمة عن تأخر تلك المدفوعات. هذا وتنسجم هذه الخطوة مع مساعي دبي الرامية إلى رفع مستوى تنافسية اقتصادها من خلال عدم تجريم قضايا الشيكات المرتجعة، والاستعاضة عن عقوبة الحبس بالغرامات المالية، الأمر الذي يخلق بيئة مواتية للأعمال وداعمة للمستثمرين والشركات، لا سميا الصغيرة منها.