قرر أمير قطر تميم بن حمد، أن يقوم بجولة خارجية تقوده هذه المرة إلى غربي إفريقيا، حيث يزور 6 دول هي مالي وبوركينا فاسو، وساحل العاج، وغانا وغينيا والسنغال، في محاولة جديدة من نظامه للخروج من العزلة التي فرضتها عليه الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب؛ دولة الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، والتي تجاوزت ستة أشهر.
وبحسب ما ورد في بيان للخارجية القطرية، فإن هذه الجولة تأتي «ضمن توجه قطر إلى فتح أسواق جديدة وتنويع الاقتصاد»، مشيراً إلى أن الدول ال6 التي سيزورها «تحظى بنقاط قوة وفرص اقتصادية واعدة، على الرغم من بعض التحديات الأمنية في بعضها»، في حين اعتبر مراقبون هذا التحرك جاء في الوقت الضائع، بعدما أصبحت قطر موصومة بالإرهاب ودعم التطرف.
وعادة ما تصاحب الرشوة تحركات رموز النظام القطري لاستمالة مواقف بعض الدول، وقد كان هذا ديدن تميم حين قام بجولة آسيوية، سعى من خلالها إلى إقامة علاقات تجارية جديدة، في محاولة لسد الفجوة التي تسببت بها المقاطعة العربية للدوحة.
ولا تختلف الجولة الجديدة عن الهدف السابق، في وقت يتمنّى فيه النظام القطري استقطاب مواقف سياسية إلى صفه، من خلال الإيهام بضخ أموال طائلة واستثمارات ومشاريع، في محاولة من قطر لاستغلال حالة الفقر التي تعانيها الدول الإفريقية لتقديم المساعدات.
وكشفت الخارجية القطرية عن تقديم حمد بن تميم، منحة مالية لحكومة بوركينا فاسو، لتمويل مستشفى لعلاج السرطان بتكلفة 13.8 مليون دولار، وكثيراً ما تعتمد الزيارات القطرية الخارجية على هذه الدبلوماسية القائمة على الرشوة والاستقطاب، باستخدام سلاح المال.
ويرى خبراء أن جولة تميم الخارجية الثالثة لن تكون أفضل من الأولى، التي قادته إلى دول أوروبية أثناء ذهابه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، والجولة الثانية التي قادته في أكتوبر إلى دول شرقي آسيا، وحاول في كلتيهما تنظيف ساحته من دعمه للإرهاب.
ويؤكد خبراء أن نظام تميم يحاول أن يحافظ على ما تبقى له من علاقات اقتصادية وتجارية مع بعض الدول. ومثلما كانت الجولتان السابقتان، تأتي هذه الجولة أيضاً لتبحث عن منفذ للخروج من العزلة. كما يحاول تميم الظهور بأن بلاده ما زالت لديها منافذ تتحرك تجاهها، كما أنه من المؤكد تلقيه لإشارات من تلك الدول التي يذهب إليها، بأنه ليس لديها مانع من استقباله، وإقامة شراكات اقتصادية تصب في صالحها، ولكن في إفريقيا فإن سمعة قطر ليست على ما يرام، بالنظر إلى سجل الدوحة في دعم الإرهاب وتمويل الجماعات المتطرفة.
وسعت إلى تنفيذ أجندتها في تلك المنطقة، تحت غطاء «العمل الخيرى الإنساني»، خصوصاً في منطقة الغرب الإفريقي الممتدة من الصحراء الكبرى شمالاً، إلى منطقة الساحل غرباً وجنوباً، مروراً بمالي ونيجيريا وساحل العاج.
وكانت تشاد استدعت سفيرها لدى الدوحة في يونيو 2017، مثل بعض الدول الإفريقية الأخرى، كالسنغال وموريتانيا، رداً على الدعم القطري للإرهاب على أراضيها، ونشر الفكر المتطرف في أنحاء القارة.
ومنذ عام 2012 تحولت مالي؛ الدولة الإسلامية الإفريقية الكبيرة، بشكل سريع إلى أرض خصبة للإرهابيين، حيث توافد إليها المتطرفون من كل صوب وحدب، وبدعم قطري منقطع النظير سيطرت الدوحة على زمام الأمور، وقامت بجذب الإرهابيين إلى الدولة الفقيرة من مختلف أنحاء العالم، حتى تحولت إلى بقعة خارجة عن السيطرة.
وكما هو حال العديد من الدول التي عانت خطر الإرهاب المدعوم من الدوحة، طالت نار التطرف والخراب مالي وعدداً من دول غربي إفريقيا، وقد انكشفت خيوط اللعبة المتمثلة في تدفق المال القطري إلى هناك، مغذياً هذه الجماعات التي عملت على تقويض الأمن والاستقرار بالغرب الأفريقي.
وخلال سنوات عديدة دأب العديد من المسؤولين القطريين على زيارة العاصمة المالية باماكو، تحت ستار توطيد العلاقات الثنائية وإرسال مساعدات إنسانية للفقراء هناك، ولكن الحقيقة هي أنهم كانوا يتجولون بمناطق شمال البلاد المضطرب، تحت حماية حركة التوحيد والجهاد المتطرفة في مالي.
ويصل الدعم القطري بالمال والسلاح، لهذه الجماعات المتطرفة، بصور ملتوية، بهدف ربط التنظيمات الإرهابية التي تدعمها من بلاد المغرب غرباً، مروراً بمنطقة الصحراء الكبرى وليبيا، وصولاً إلى سوريا.
ويتركز عناصر الإرهاب القطري في 5 تنظيمات رئيسية، أبرزها حركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة، التي تعتمد في مصادر تمويلها إلى جانب الدوحة، على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، إضافة لمتمردي حركة «تحرير أزواد»، وحركة «أنصار الدين»، و«أنصار الشريعة»، إلى جانب تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، وجميع هذه التنظيمات تتلقى مساعدات مالية ولوجستية كبيرة سرياً من الدوحة.
وعملت الدوحة على ضرب استقرار دول كثيرة في منطقة غربي إفريقيا، من خلال تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية واستخدامها في هز استقرار هذه الدول، بهدف السيطرة على مواردها.
جولة خارجية ثالثة لا تخلو من رشوة وشراء مواقف سياسية