مواصلة لجهودها الإنسانية على المستوى الدولي، نظمت مؤسسة القلب الكبير، المؤسسة الإنسانية العالمية المعنية بمساعدة اللاجئين والمحتاجين في جميع أنحاء العالم، بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، زيارة لوفد ضم مسؤولين حكوميين، ورؤساء شركات خاصة من دولة الإمارات، أمس، إلى مخيم كوتوبالونج للاجئي الروهينجا المسلمين في منطقة كوكس بازار، للاطلاع عن كثب على أوضاعهم الإنسانية، ومساعدتهم على تأمين احتياجاتهم الضرورية والتخفيف من معاناتهم.
وتأتي الزيارة تنفيذاً لتوجيهات قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة القلب الكبير، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بهدف حشد المزيد من الدعم المجتمعي لمساندة لاجئي الروهينجا، والاطلاع على الاحتياجات الضرورية والملحة لتوفير أدنى مقومات الحياة الكريمة للنساء، والأطفال، والعائلات، الذين أُجبروا، ويجبرون على الفرار من منازلهم يومياً هرباً من الصراعات، ويسيرون على غير هدى بحثاً عن الأمان والنجاة من الموت، وتواجه مخيمات اللجوء في بنجلاديش اكتظاظاً كبيراً نتيجة تدفق الآلاف من ميانمار، وأغلبهم يعانون الجوع والمرض بعد قيامهم برحلات طويلة ومتعبة محاطين بالخوف والقلق.
ضم الوفد كلاً من العميد سيف الزري الشامسي، القائد العام لشرطة الشارقة، وبدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، وخالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لشركة الشارقة للبيئة «بيئة»، ومدثر شيخة، الرئيس التنفيذي ل«كريم»، وعبدالسلام هيكل، الرئيس التنفيذي لشركة هيكل للإعلام، وعبيد عوض الطنيحي، سفير النوايا الحسنة في الأمم المتحدة وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وعلي مصطفى، المخرج السينمائي، وإرم مظهر علوي، المستشار الإداري الأول في المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إضافة إلى مريم محمد الحمادي، مدير مؤسسة القلب الكبير.
والتقى الوفد في بداية الزيارة عدداً من المسؤولين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، استمعوا خلالها إلى الوضع الإنساني الصعب للاجئي الروهينجا والمعاناة التي يعايشونها منذ بداية الأزمة في بلادهم، حيث دفع النزاع الذي اندلع في في ولاية راخين في ميانمار في أواخر أغسطس/آب 2017 إلى تهجير قرابة 600 ألف شخص من الروهينجا إلى بنجلادش في كارثة إنسانية وأزمة لجوء باتت تُعتبر الأسرع نمواً في العالم.
ودعت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المجتمع الدولي، بحكوماته وشعوبه، إلى الخروج عن الصمت الظالم بحق لاجئي الروهينجا، مؤكدة أن أضعف الإيمان يكون بتقديم يد المساعدة لأشقاء لنا في الإنسانية، تنتهك كرامتهم وحقوقهم وإنسانيتهم على مرأى ومسمع العالم أجمع، وقالت: «يواجه لاجئو الروهينجا، خاصة النساء والأطفال، معاناة إنسانية تُخجل أيّ إنسان في هذا العالم، يجب أن نتحرك وأن نكون فاعلين إيجابيين لتخفيف المعاناة، كلنا قادرون على أن ننقذهم من الجوع، والعطش، والحرمان، والموت، ما نحتاج إليه هو أن نتحد بمساعدتنا وإنسانيتنا في سياق واحد منظم لننقذ مئات الآلاف من مواطني الروهينجا».
وأضافت: «إن مبادرة العديد من المسؤولين، من رؤساء المؤسسات الحكومية، والشركات الخاصة، إلى زيارة مخيمات اللاجئين الروهينجا، تثبت النوايا الصادقة لأبناء دولة الإمارات، ومن يعيشون على أرضها، في مدّ يد العون والدعم والمساندة لأشقائهم في الإنسانية، والتضامن الحقيقي معهم في مختلف مواقع تواجدهم، من خلال الاطلاع على أحوالهم، والسؤال عن احتياجاتهم، والسعي في توفير كل ما يعينهم في ظروفهم الصعبة التي يعيشونها، لتخفيف آلامهم ووقف معاناتهم».
وأكدت سمو الشيخة جواهر القاسمي، أن الزيارة التي قامت بها مع صاحب السمو حاكم الشارقة، إلى مخيمات اللاجئين الروهينجا في ماليزيا خلال شهر مايو/أيار من العام الماضي، جعلها تشعر عن قرب بالألم الحقيقي الذي يواجهه هؤلاء المهجرون الأبرياء الذين فقد بعضهم حتى الأمل الذي يعينه على مواجهة أعباء التهجير، لذلك فإن هذه الزيارة لوفد مؤسسة القلب الكبير هي مسعى لتوحيد الجهود لتمكين لاجئي الروهينجا من التغلب على اليأس، والثقة بأن المستقبل سيكون أفضل لهم ولأولادهم بفضل هذا التكافل الإنساني مع قضيتهم، والشعور بمعاناتهم.
والتقى أعضاء الوفد بعدد من العائلات اللاجئة هناك، وتلمسوا على أرض الواقع حجم المعاناة التي يعايشونها بشكل يومي نتيجة نقص كبير في احتياجاتهم، من مأوى، ومأكل، وملبس، إلى جانب احتياجاتهم الكبيرة إلى الرعاية الصحية العاجلة نتيجة تفشي العديد من الأمراض بين الأطفال وكبار السن، نتيجة الأوضاع التي مروا بها، ابتداء من بلادهم ورحلة العبور إلى بنجلاديش التي كانت غالباً ما بين المشي على الأقدام والقوارب البدائية الصنع، انتهاء بمخيمات اللجوء المكتظة وغير المؤهلة لاستقبال هذا الكم من اللاجئين.
وقالت مريم الحمادي: «تشكل محنة لاجئي الروهينجا مأساة إنسانية حقيقية، فمنذ أن بدأت أحدث فصولها العام الماضي وحتى اليوم، ارتفعت أعداد اللاجئين بصورة قياسية لتتخطى المليون لاجئ، الأغلبية العظمى منهم غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية البسيطة، فيما يزداد الضغط على دول اللجوء، وأهمها بنجلاديش، التي تستقبل مئات الآلاف منهم».
وأشارت مريم الحمادي إلى أن الوفد اطلع خلال الزيارة على حجم الجهود الدولية المبذولة لمساعدة اللاجئين، وحدد قطاعات إغاثية لتقديم الدعم والمساعدة من خلالها، مثل الغذاء، واللباس، والصحة، والتعليم، وستتكفل مؤسسة «القلب الكبير» بالعمل مع مختلف الجهات التي شارك ممثلوها في الوفد، لتحصيل المساعدات منها وإيصالها إلى مستحقيها وفق المعايير العالمية المتبعة لدى المؤسسة.
ويعاني اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش ظروفاً إنسانية، ويحوي الكيلو متر مربع الواحد في المخيم أكثر من 90 ألف نسمة.
كما أن واحداً من بين كل أربعة أطفال يعاني سوء التغذية جراء نقص المواد الغذائية والصحية، و7% من إجمالي الأطفال يعانون سوء تغذية حاداً، ونتيجة للوفيات سواء في ميانمار، أو أثناء رحلة اللجوء، ويوجد الآن في بنغلاديش أكثر من 5600 عائلة من الروهينجا تعتمد في إعالتها على الأطفال.
بنجلاديش:«الخليج»