ظل المؤلف أحمد عبدالله سعد، لسنوات أحد أبرز كتاب الدراما في اليمن، من خلال أعمال مسرحية وتلفزيونية وإذاعية، في ظل شح الإنتاج الدرامي بالبلاد. وعكست أعماله، قدرته التفاعلية مع واقعه، الذي استنبط منه الحبكات والشخوص، ناهيك عن استثماره للتراث وإسقاط حكاياته على الواقع المعاصر.
في آخر أعمال أحمد عبدالله سعد المسرحية، يمكن القول أنه وصل إلى ذروة عطائه في كتابة الدراما، فكانت مسرحية «هديل الحمام»، التي تلقفها رفيقه الفنان المخرج قاسم عمر، في عرض مسرحي لافت بمدينة عدن، وهو العرض المسرحي الوحيد في عام 2017.
ومسرحية «هديل الحمام» هي اللقاء الرابع بين عبدالله سعد وعمر، وتعالج موضوعاً إنسانياً معقداً، من خلال رصد ما حدث للسجين «عارف»، بعد أربعين عاماً قضاها في المعتقل، حيث أُخذ للاشتباه فقط، فتُنتزع هويته واسمه خلالها، ويموت أبوه وأمه، ليخرج عقب «الثورة»، ليجد نفسه غريباً، لا يعرفه أو يقبل به أحد.
تبدأ المسرحية من لحظة اقتحام عارف لمنزل سجانه «طارق المطرقة»، فيطلب منه بعد حوار طويل أن يعيده إلى السجن مجدداً، فيتوجس السجان خيفة من عارف، ويشتد الصراع وتحتدم الأحداث، لنجد المنزل قد تحول إلى زنزانة، تشبه إلى حد بعيد الزنزانة التي قضى فيها عارف أربعين عاماً من حياته. ويتطور الصراع أكثر ويقيّد عارف السجان ويقيد نفسه أيضاً، ويقرر أن يتحول هو إلى سجّان، في تبادل للأدوار.
قام العرض المسرحي على شخصيتين فقط، جسدهما الفنانان الشابان أحمد اليافعي في دور السجين عارف، وهديل عبد الحكيم في دور السجان طارق، اللذان تألقا في تجسيد الشخصيتين بلغة عربية فصحى، وجعلا الجمهور يتابع السجال المحتدم بينهما على الخشبة، بصحبة المؤثرات الموسيقية وقطع الديكور البسيطة، بالغة الدلالة، وهو ما عكس أيضاً، تفوق أفراد طاقم العمل جميعاً بما فيهم مؤدو الرقصات من أعضاء فرقة المسرح الوطني في عدن.
قُدمت المسرحية في عرض وحيد حتى الآن، وعلى خشبة مسرح متواضعة في جامعة عدن، ويقول المخرج قاسم عمر: «لا توجد خشبة مسرح حقيقية في عدن، ولا تتوفر الإمكانيات لتقديم عروض مسرحية مكتملة، لكننا نعمل على تطويع ما حولنا لنجعله يتوافق مع إمكانية العرض المسرحي، وهو ما حصل في مسرحية هديل الحمام، لنقول للجميع توجد إمكانية لاستمرار تقديم العروض المسرحية، على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، بل يمكننا أن ننتقل بعروضنا إلى الخارج».
أما المؤلف أحمد عبدالله سعد فيقول عن العرض: «في العادة لا يقبل الجمهور على الأعمال الدرامية المعقدة، وينتمي معظم حضورها إلى النخبة، وحظ مثل هذه الأعمال من المشاهدة بسيط، لكن»هديل الحمام«كسرت تلك المعادلة، ونالت إعجاب الجمهور من طلاب الجامعة ومن خارجها، على الرغم من موضوعها الإنساني المعقد، وقد لمستُ الأثر الذي تركه العرض عليهم، وهو الأمر الذي أسعدني وأثلج صدري».
عدن: عبد الرحمن أحمد