ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي في نسخته السادسة عشرة، احتضنت الجامعة القاسمية، صباح أمس، جلسة شعرية، حضرها عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة، والدكتور رشاد سالم مدير الجامعة، ومحمد البريكي مدير بيت شعر الشارقة، ومديرو بيوت الشعر في الوطن العربي،.
شارك في الأصبوحة الشعراء: عبد العزيز الهُمامي «تونس»، شيخة المطيري «الإمارات»، جاسم محمد «العراق»، محمد الساق «المغرب»، خالد الشرمان «الأردن»، عبد العزيز باروت «الإمارات»، وقدّمها الشاعر الأردني عمر أبو الهيجاء.
قدّم الشعراء قصائد تعكس تطوراً كبيراً على مستوى المفردة، والتنوع، وتوظيف المقدرات اللغوية والخطابية، وقرأت شيخة المطيري عدداً من النصوص بطريقتها الأدائية المتفردة، وبمفرداتها الحالمة التي تحلّق بعيداً، ومن نصها «السيدة» نتتبع أثر السحابة، ونحلّق فوق أعلى الغيمات، إذ تقول:
جاؤوا... نعم وبكل ما أوتوا/ من البحر البعيد وموجه/ جاؤوا تدلهم السحابة بيتنا/ يا وقع أقدام النهاية/ لم يعد في العمر/ عمر كي نعود/ ونحب ثانية../ قد اكتمل الجليد/ القلب من هذا الوريد/ نبض يمد غناءه شوقاً إلى ذاك الوريد.
وفي قصيدة «ولادة» قدّمت المطيري نصاً يحاكي أوجاع الوجود، ويلامس أوجاع النفس الإنسانية، إذ تقول:
ويقلقني الموت/ لكن هذي الحياة/ تزيد القلق/ رغيفاً واحداً وُلدت على شفة الفقراء/ وعوداً بلا صاحب أو غناء/ أنا.. لحظة من شتاء قديم/ على باب صيف الأماني/ أحترق/ أنا سكر أزرق لا ينام/ أنا ملح أعينكم يا نيام.
وتفرّد الشاعر التونسي الهُمامي، في التخير الجميل لقصائد متنوعة تفيض بالحنين، وتداعب الأشواق، ونلمس ذلك في نصه «وطن الشعر»، إذ يقول:
وطنٌ بالضوء نسيجه
وبأيدي الحب سنبنيه
حتى لو ضاعت صورته
ستظل العين تناديه
ويقدّم الهمامي صورة مشهدية لـ«الشعر»، وكيف ينبعث سحره في الوجود، وينعكس على الإنسان، عندما يقول:
الشعر تفوح معانيه
وتنير الكون أغانيه
جئنا من ضاد عروبتنا
نتفيأ سحْر قوافيه
ونروق بنكهة موعده
ونهيم بحلو أماسيه
تهْمِي الكلمات على فمنا
ويفيض الحرف بما فيه
وحلّق الشاعر الإماراتي عبد العزيز باروت بالجمع من الحضور في عوالم إنسانية خاصة، وهو ينظم القصيد في سيدة النساء «الأم»، في نصه المتوهج بالحنين والعاطفة «إلى أمي»، إذ يقول:
إلى أمي/ كتبت رسائلي تترى/ إلى أمي ذرفت الحب والشعرا/ إلى من وجهها الدنيا/ ومن في حضنها الأخرى/ إلى الفردوس في قلبي/ علوت بفضلها قدرا/ فإن رسالتي الأولى وخالص حبها في الروح/ مرفقة بما تحويه من ذكرى/ أيا أمي/ أنا من ضلعك الأعوج/ أيا من حار في تفسيرها/ العقلاء والسذج/ أنا نفس الذين أبوا/ عليك الحق/ بين مؤيد يبكي/ وبين عواء من يحتج/ أنا من ضلعك الأعوج.
ويبحر باروت في عوالم الحب في نص آخر، فيقول:
أسرفت بالشعر، لا بالشعر أغريك
ولا يبذل جزيل الحب أرضيك
ولا بدمعي والذكرى تهوده
بمرضعات حنين ليس تفتيك
وكم سرقت بقلبي كل نابضة
فهل بنبضي أمر سوف يدنيك
يكفيك بعدا بغيضا يا معذبتي
ومن منادمتي بالصد يكفيك
ومن ذات المنهل العاطفي العذب ينهل الشاعر الأردني خالد الشرمان، فيمنح الحضور كلمات تذوب وجداً، فيقول:
عذِب فؤادي ما استطعت عذابا
كانت عذاباتي لديك عِذابا
عذب فإني رغم هجرك لم أزل
أرنو إلى الدنيا لديك شبابا
وأنثر دموعي حين تهوى إنني
أبكي الدموع إذا جمالك غابا
منك الشقاء وفيك سر سعادتي
وأنا الذي أضحيت منك مصابا
تضني فؤادي بالصدود وبالنوى
وأنا الذي أسكنتك الأهدابا
وكان الوطن حاضراً من خلال قصائد الشاعر العراقي جاسم محمد من خلال نصه «قميص بغدادي لعالم أبيض العينين»، يقول فيه:
أوغلت في الشوق حد النزف يا ولدي
لملم بقاياك وأعشق عشق مقتصد
يا لاهب القلب ما آخيت عافية
هلا توضأت بعد النار بالبرد؟
أستغفر الله من نار أوضئها
إذن فلست ابن من لوْلت على مهدي
يا ناقدي في هواها كوتك هنا
أجفان عين المها ما كنت منتقدي
الآن أجمع كل الكون أشهده
أني تبرأت من عقلي ومن رشدي
وقدم الشاعر المغربي محمد الساق نصوصاً تتوهج بجمال المفردات، إذ تذوب المفردات وجداً وحباً، وفي نصه «أحلام مبعثرة»، يقول
ما ضمني الحب إلا زادني قلقا
ودس بين ثنايا خافقي أرقا
وساقني صوب أحلام مبعثرة
بريح أقدارنا واليأس قد نطقا
والموعد المُشتهى دوما نؤجله
ليكبر الشك أن الحلم قد سرقا
وفي عوالم الحب يتخير الشاعر المغربي نصاً حمل اسم «حصاد الحب»، يقول فيه:
عرفتك مرة ودمي أسيلا
وهذا القلب يسألك الرحيلا
عرفتك مرة فملكت نفسي
وصار هواك في صدري ثقيلا
رأيتك تفرشين الحب ورداً
فأصبح بعدها ليلي طويلا
وأسقيت الفؤاد بماءِ حب
وماءُ الحب لا يشفي الغليلا
عقب ذلك قام عبد الله العويس بتكريم مديري بيوت الشعر في العالم العربي، إضافة إلى تكريم الشعراء المشاركين في الأصبوحة، فيما ألقى الدكتور رشاد سالم كلمة ثمّن فيها دور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، باهتمامه الكبير بالحركة الثقافية في كل العالم العربي، مشيداً بتجربة بيوت الشعر، ومشيراً إلى دور إمارة الشارقة في الاهتمام بالثقافة حتى صارت مثالاً يحتذى في العالم العربي