جمهور الوصل رواية لا يتوقف عنها الكلام في دورينا، لم تمر مباراة إلا وتجملت «مدرجات الذهب» بمشجعين تفردوا في عشق الفريق الأصفر، يتمتعون بروح الفهود، وبثقافة تشجيعية عالية، معتبرين أن «الوصل أسلوب حياة»، ليس مجرد شعار إنما حالة يعيشها محبو «الإمبراطور». رسالة من النجم البرازيلي كايو كانيدو قبل مباراة اليوم أمام العين في الدوري عبر مواقع التواصل إلى جمهور «الذهب»، قال فيها: نحن جاهزون، ونتمنى الكل يكون حاضراً، أشعلت الحماسة في المشجعين، وبدوره أعلن «التراس جنون الوصل» عن تجهيزه «تيفو» سيكون حديث الناس.
«الخليج الرياضي» وقف على ظاهرة «التراس جنون» الذي يقود تشجيع مدرجات الوصل بزيارة مقرهم الملحق بالنادي من أجل معرفة كواليس التجهيزات وعكس التضحيات من جانب الشباب.
وكشف حميد محمد «زلزال المدرج» وعيسى الجناحي وعلي الحتاوي وراشد الشامسي، وسعود الزرعوني و«الطيار» نزيه حازم وعمار أحمد علي وأحمد الحمادي، عما يجدونه من متعة بما يقومون به حباً للكيان.
ينحصر دور مجلس إدارة نادي الوصل تجاههم فقط في الجانب المعنوي، وشدد أعضاء «التراس جنون» على رفضهم التام للمساعدة المادية من كل مجالس الإدارة المتعاقبة على إدارة النادي، رغم الإصرار الكبير من الإدارة، وذكروا انهم رفضوا ذلك لمعرفتهم أن الوصل سيأتي عليه اليوم الذي سيعتمد فيه على نفسه من ناحية دعم تيسير النادي، واكتشفنا أن الدعم المالي للمجموعة هو تكافلي فيما بينهم.
وذكر حميد محمد «زلزال المدرج» أنهم تناقشوا مع الإدارة في ترك كل شخص من الجمهور يدفع ثمن التذكرة بالمباريات من جيبه الخاص حتى تسري ثقافة دعم النادي، ولم يتوقف الأمر على التذاكر فقط، حيث إن جمهور الوصل أصبح يشتري جميع ما يعرضه النادي، وهذه صفة جعلته يتميز عن جماهير الأندية الأخرى.
وأكد حميد أن الإدارة تحرص دائما على توفير وسائل النقل لجماهير النادي كنوع من الخدمات لهم مقابل أنهم يشترون تذاكر المباريات والمبيعات من متجر النادي.
وقال حميد: في بداية الأمر واجهتنا العديد من الصعوبات والتحديات في تقبل الطريقة التشجيعية المستحدثة، لان منطقة الخليج لها أعرافها الخاصة، وعملنا على تأليف الأغاني ليرددها جمهور الوصل في المدرجات بعيداً عن تأجير الفرق الغنائية التي تستأجرها الأندية ليصفق معها المشجعون.
وقال: إن التحدي الثاني كان هو كيفية توفير المال لتنفيذ أدوات التشجيع والرسومات والعمل على حسب الإمكانات المتوفرة من اجل إعطاء جمهور الوصل حقه حتى يظهر بطريقة مميزة، مشيراً إلى أن دعم النادي تشجيعياً لن يتوقف بتنفيذ المبادرات المطروحة من مجلس النادي أو لجنة دوري المحترفين.
واتفق بقية أعضاء «التراس» على أن التوافق مع المنظومة الرياضية والمجتمعية من أهم واجباتهم، ولفتوا إلى أنهم من قبل شاركوا مع المجتمع في ارتداء قمصان الوصل مكتوب عليها «لا للمخدرات».
واكتشف «الخليج الرياضي» أن «التراس جنون» يضع أفراده «روزنامة» للموسم بها أشياء ثابتة وأخرى تتغير حسب الأحداث، تأكيداً على أنهم جزء من المجتمع ويحرصون على التفاعل مع كل مبادراته.
وأكد «زلزال المدرج» أن الفوز بالجوائز وإطلاق الألقاب لا يهمهم أكثر من الحرص على فقدان تميزهم، مبيناً أن جمهور «الذهب» سيظل مدرسة يتعلم منها كافة المشجعين، وقال: «جمهور الذهب» لم يبهر بعد، انتظرونا في بقية الموسم.
هناك بعض الملاحظات أشار لها أعضاء «التراس»، مؤكدين أنها من العوائق للمشجعين في المدرجات، وأكد عيسى الجناحي أن هناك تأخيراً في دخول الجماهير إلى الملاعب سببه يرجع إلى التفتيش المشدد على أدوات التشجيع، وقال: نطالب أن يكون هناك وضوح بالصورة أكثر، وعلى أن يكون هناك توحيد بالقوانين في كل الملاعب، المنافسات تلعب في دولة واحدة وتحت إدارة اتحاد كرة القدم لماذا تختلف اللوائح من ملعب إلى آخر؟
وأكد عيسى الجناحي أن من الأشياء التي تميزهم أن حب الوصل نال قلب الصغار قبل الكبار حتى أن هناك إداريين من منافسي الوصل، أبناؤهم يشجعون «الإمبراطور»، مشيراً إلى أن لاعبي الفريق، مواطنين وأجانب، يعرفون معنى رسائل جمهور النادي وتشكل المدرجات مقياساً للأداء، بحيث يعرف اللاعب انه يؤدي بشكل طيب أو لا.
وأشار الجناحي إلى أن اللافتات التي تتواجد في المدرجات بكل المباريات جميعها تحمل الكثير من المعاني، وكشف عن أن لاعبي الوصل دخلوا إلى ملعب التدريب الأساسي لمواجهة «ديربي بر دبي» مع النصر في المرحلة الأولى من الدوري هذا الموسم، وفوجئوا برسالة موجهة إليهم في لافتة كتبنا عليها «اذهبوا.. ولا تعودوا إلينا إلا بدمائكم»، فعلموا أن الجمهور لن يرضى إلا بغير الفوز في «الديربي».
وذكر أنهم أعدّوا أنفسهم لصنع الفارق في مواجهة «الديربي» حينما علموا أن ليما وكايو خارج التشكيلة بسبب الإيقاف، وشدد على أن غياب البرازيليين عن تشكيلة الفريق الأصفر شيء غير اعتيادي بالنسبة لهم، لذلك خططوا لتحضير التشجيع بطريقة إيجابية وكانت رسالة لاعبي الوصل في المباراة هي «أنتم الرقم الصعب».
قصة تأسيس
تأسس ألتراس الوصل في 18 يونيو/ حزيران 2010 ونبعت الفكرة أثناء تنقلات بعض المشجعين مع الوصل خلال البطولة الخليجية في ذلك العام، وتحديداً في مدينة الرياض، ودارت النقاشات في تكوين ألتراس الوصل بعد مباراة الفريق الأصفر مع النصر السعودي في دبي.
اجتمعت مجموعتان من بر دبي وديرة في الراشيدية في مجلس الوصلاوي أحمد السليطي وبعد نهاية موسم 2012 -2013 وصل العدد إلى أكثر من 250 عضواً وأصبحت النواة التي تقود تشجيع مدرجات جمهور «الذهب».
دورينا يتطور بمدرجات خالية
قال عيسى الجناحي إن المشجع حينما يذهب إلى الملعب من أجل متابعة ناديه الذي يحب، يعاني في العثور على الماء، ويفاجأ بضعف المستوى داخل الملعب، هل القصة ترفيه وفرجة ؟ فإذا كان كذلك فالأفضل أن يذهب إلى السينما ويدفع 10 دراهم ويشاهد فيلماً.
وتسأل مشجع الوصل لماذا دبي هي أفضل مدن العالم من حيث الترفيه، ومدرجات ملاعبها لا ترتقي إلى ذلك ؟ وقال: من يذهب إلى برج خليفة يتمنى الرجوع إليه ألف مرة، نعم هناك تطور ذكي ومشاهدة تلفزيونية ورقمية عالية، ولكن المباريات تقام بمدرجات خالية.
الجداريات قصة تخلد الأوفياء
أكد حميد محمد، أن فكرة الجداريات التي نفذت على واجهة ملعب زعبيل هي من أجل اللاعبين الذين خلدوا أنفسهم في تاريخ النادي، مستبعد أن تكون فقط من أجل خلط الألوان.
وقال حميد إنهم وضعوا جدارية للكابتن وحيد إسماعيل، لأنه يعتبر من الأوفياء بعد أن ركل المغريات المادية من أجل التواجد مع الوصل في أصعب الظروف، وأوضح أن تواجد فابيو ليما وكايو كانيدو في جداريات النادي، من أجل الأرقام التي ظلوا يحققونها والتي ساهمت في عودة الفريق الأصفر مرة أخرى إلى القمة.
24 ساعة عمل قبل مباراة الجزيرة
حميد محمد: تعرضنا لمواقف غريبة بسبب اللافتات
أوضح حميد محمد أن جميع الرسائل التي يوجهونها حقيقية، ولها معانٍ ولا يضعون الوهم من خلالها، مبيناً أن معظم الأندية الأخرى تعيش الوهم، وشدد على أنهم لا يتدخلون في الأمور الفنية داخل الملعب، إنما يكون اعتراضهم موجهاً عبر رسائل غير مباشرة ليعرف الفريق أن هناك أشياء يجب تداركها.
وقال: طريقة العمل عند جماهير الوصل تبدأ بجمع المساهمات فيما بينهم ومن ثم تأتي الفكرة، ونحرص بتجهيز أدوات التشجيع ويصل وقت العمل في بعض الأحيان إلى الساعة الرابعة صباحا، وذكر أنهم في واحدة من المباريات قبل سنوات كانت أمام الجزيرة في العام 2011، استغرق العمل 24 ساعة مقسمة على يومين بمشاركة مجموعة كبيرة من الجماهير التي نفذت العمل، وكان ذلك من اجل إحداث التفوق على «فخر أبوظبي» الذي كان يملك وقتها فريقاً قوياً، وأشار إلى أن عملهم في النادي دائما يكون على مدار الأسبوع، رغم أن معظمهم لديهم دوامات في المؤسسات.
وكشف حميد عن أنهم تعرضوا لمواقف غريبة خلال المباريات، وقال: في مباراة الديربي أمام النصر بالدوري هذا الموسم عند دخولنا إلى الملعب تم تفتيش لكشف اللافتات ووجدوا في إحداها مكتوب عليها «كل يوم لقاء.. كل يوم معركة»، وتم استبعادها لان معناها الحرب، ولم يتوقف الأمر عند ذلك حتى لافتة «أسلوب حياة» تم استبعادها.
وقال حميد إنه في فترة من الفترات فرضت عقوبة على الوصل أداء 6 مباريات خارج ملعبه، وصادفت مباراة ديربي بردبي أمام النصر في موسم 2011-2012 قبل تنفيذ العقوبة، وقبل نهاية المباراة أخلت الجماهير مكانها في المدرجات وتركوا رسالتين، الأولى كانت «تريدون المدرجات هكذا؟» واحتوت الرسالة الثانية على «جمهور الوصل متعة دورينا.. جمهور الوصل قيمة ومعنى»، وقلّصت العقوبة بعدها إلى مباراتين فقط.
دورينا أليف والمشجعون صامتون
اعتبر مشجعو الوصل أن أحد أسباب هزائم المنتخب والأندية في المباريات الخارجية هو أصابتهم في الرعب التشجعي من جمهور المنافسين لان لاعبينا قادمون من دورينا أليف ومشجعوه لا يثيرون الصخب، وأشارو إلى أن هناك كبت في المدرجات، وقالوا إنه في إحدى المباريات جاء انذار للجمهور بوقف إزعاج دق الطبل، وقال المشجعون «كيف يطالبون من اللاعبين الفوز في الصين أو اليابان والمشجعون هناك يدقون بمئات الطبول»، وأضافوا: كرة القدم جاءتنا من الخارج وأخذناها بقوانينها داخل المستطيل الأخضر، وحجبناها من المدرجات لماذا؟
رونالدو يزور «الألتراس»
في زيارة عفوية عقب فوز الوصل على الوحدة في دوري الموسم الحالي اقتحم صانع الألعاب البرازيلي رونالدو مينديز مجلس «ألتراس جنون» وعانق أفراده المتواجدين؛ حرصاً منه على شكرهم لدعمهم الكبير في المباراة.
ويذكر أن رونالدو كان من اللاعبين الذين لا يتفاعلون مع الجماهير، فلقد عرف عنه مزاجه الصعب حين قدم إلى الوصل حتى إنه في بعض التدريبات كان يترك الملعب غاضباً، فلقد شاهد مينديز صناعة نجومية كايو وليما عند الجماهير، الأمر الذي جعله يتغير، وأصبح يتفاعل اجتماعياً مع الوصلاوية أكثر.