الشارقة: محمدو لحبيب
في روايته «حرب الكلب الثانية» والصادرة عن الدار العربية للعلوم سنة 2016، يدخل الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، عالم كتابات الدستوبيا والمستقبليات والخيال المُجنِحْ والمتكئ على تأويلات مفترضة «قادمة» للواقع المُعاش.
تدور أحداث الرواية التي تبلغ صفحاتها 340 من القطع المتوسط في المستقبل، في زمن يفترض فيه الكاتب أن فصول السنة تغدو فصلاً طويلاً واحداً، ويصبح النهار خمس ساعات فقط، ويتراجع دور الحكومات لصالح ما يسميه «القلاع»، وتتجاوز الرواية مقاربة الحالة العربية لتتأمّل في أحوال البشر في كلّ مكان، في زمن لم يعد فيه الإنسان قادراً على تمييز الذي يقف مقابله هل هو شبيهه أم قاتله؟.
وفي مراجعات القراء على الشبكة العنكبوتية للرواية، تبرز عدة آراء مختلفة حولها، فمن قارئ يرى أن نصر الله فاجأ قراءه بموضوع الرواية وأسلوبها المختلفين عن ما سبق من رواياته، إلى قارئ يرى أن الرواية لم تنجح في موضوعها، إلى آخر يرى أن الكاتب تفوق على نفسه في هذه الرواية التي دخلت القائمة الطويلة للبوكر العربية لسنة 2018 إلى غير ذلك.
أحد القراء عبر عن ارتباكه من ما أسماه «العباءة الجديدة» التي دخلها نصر الله في روايته فقال: «مرتبكٌ أنا بعد هذا اللقاء يا نصر الله، شاهدتك في ثوبك الجديد فلم أعرفك في البداية، ثم لم ألبث أن تأملت ملامحك بين السطور لأدرك حضورك بعباءتك الجديدة وعزفك المختلف والحزين»، ورغم تلك الارتباكة يُثني هذا القارئ على العمل فيقول مخاطباً الكاتب: «أمتعتني، أربكتني، وأغرقتني في عالم الرواية حدّ الثمالة، فالتهمتها في أقل من يومين، وجعلتَ عقلي يعمل بأقصى طاقته بحثا عن إجابات عشرات الأسئلة التي ترامت هنا وهناك بين ركام البيوت المهدمة، وجثث الغربان النافقة، وأشلاء الناس المتناثرة بين الطرقات، ورغم أنني لم أصل إلى كل الأجوبة، إلا أن عبقرية فكرتك عبّرت عن نفسها رغم كل شيء».
قارئ ثان يرى أن ميزة الرواية هي أنها من المحاولات العربية القليلة في مجال أدب المدينة المستقبلية الفاسدة، لكنه لا يرى أن الكاتب نجح في مسعاه فيقول: «الجديد في الكتاب هو أنه قد يعتبر من بين المحاولات القليلة عربيًّا في كتابة الدستوبيا، أو أدب المدينة المستقبلية الفاسدة، لكن نصرالله لم يستطع القبض على الإنسان بكآبته المستقبلية، ولم يتمكن من رسم هذا المستقبل السوداوي».
يختلف قارئ آخر في رأيه عن سابقه فيقول، إن نصر الله تفوق على نفسه في هذه الرواية ويعبر عن ذلك قائلا: «حرب الكلب الثانية، رواية تنضم لأدب المدينة الفاسدة (دوستوبيا)، وأرى أن نصرالله تفوق على نفسه، وكتب عالماً أكثر مما توقعت تصويرياً، وقفز من كتاباته الأدبية التاريخية أو الواقعية إلى حياة تتلخص بكلمتين: ربما تحدث، وهذه ال«ربما»تفيد - على الأقل بالنسبة لي- أن الكاتب نجح في هدفه المنشود».
لكن قارئاً آخر يرى أن الرواية شابها الملل بعد كثرة الفانتازيا التي طبعتها بأجوائها فيقول: «بعد مئة صفحة من سرد شيق لذلك المستقبل الأسود، كثرت الفانتازيا والخيال مع بعض الملل الذي شرد بنا كقراء عن هدف الكاتب ورسالته من الرواية وهو ما ضايقني وجعلني أقرأ سريعاً لأنتهي منها».