تجربة نشر فعّالة

لا تفتأ الإمارات منهمكة في مجال النشر وصناعة الوعي، ولا تكتفي الدولة بسن القوانين المشجعة للقراءة والنشر والتي تحفّز الناشرين وتسهّل عملهم، بل تواصل عملها من خلال احتضان ورعاية كل المبادرات والمنتديات التي تهدف إلى تطوير وتفعيل عملية النشر، وجعلها مواكبة للتحوّلات المتسارعة في مجال النشر في العالم كله.
وفي هذا الإطار جاء منتدى «أبوظبي للنشر» في دورته الأولى والتي اختتمت أمس الأول، ليضيف لبنة جديدة إلى صرح من الرؤى والأفكار والمنجزات في مجال النشر في الدولة.
يستهدف المنتدى نقاش مجموعة من المعطيات المهمة، وبحضور نوعي ونخبوي إماراتي وعربي وعالمي، تحت شعار جامع هو«التحوّلات والإنجازات في صناعة الكتاب - تجربة الإمارات»، وهو ما يؤشر إلى أن تجربة الإمارات في مجال النشر باتت تؤتي أُكُلها وتثري الساحة المحلية والعربية.
إنها إذاً مناسبة مثلى لفتح الحديث عن تلك التجربة ومعرفة خطتها الاستراتيجية المستمرة بصبر وتطور حثيث، وتبيان مدى ما وصلت إليه من نجاحات.
يمكن الاطلاع من خلال الإحصاءات الموثوقة المتوفرة في الإمارات، على القفزة الهائلة التي شهدها النشر خلال سنوات قليلة، فمنذ إصدار أول قانون للمطبوعات والنشر في ثمانينات القرن الماضي، قطعت صناعة النشر خطوات كبيرة، لتكون الإمارات في الفترة الحالية متصدرة لعملية النشر في العالم العربي كله.
يأتي كل ذلك التطور من اهتمام قيادة الإمارات بالنشر وبمقتضياته ووعيها لأهميته في تشكيل العقل ومسايرة التطور الهائل في حجم المعرفة .
ففي نوفمبر2016 أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أول قانون وطني للقراءة في الإمارات، واضعاً من خلاله أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة، وشكّل القانون دعماً واضحاً لعملية النشر، ومساهمة كبرى في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعماً للإنتاج الفكري الوطني، من خلال توفيره الآليات القانونية السهلة والمحددة لدعم الناشرين الإماراتيين، حيث إنه يغطي كل ما يتصل بالقراءة من تطوير ونشر وترويج وأنظمة داعمة، بما يضمن استمرارية ومأسسة الجهد الثقافي العام في ذلك المجال الحيوي.
إلى ذلك، ومن بين الخطوات العملية التي أسست وتؤسس لتجربة طموحة وفعالة في مجال النشر، كان افتتاح أكبر منطقة حرة للنشر في العالم تحت مسمى مدينة الشارقة للنشر، والتي توفر إمكانات لوجستية كبيرة جداً للناشرين من مختلف أرجاء العالم، وتوفر سهولة في الوصول إلى صناعة اقتصادية للنشر متطورة وسهلة التكاليف.لكل ذلك، فإن تجربة الإمارات تشكل نموذجاً يحتذى به في قطاع النشر.