استهل مجلس الوزراء أول اجتماع له في العام الجديد 2018، بقرار وزع فيه عائدات الضريبة المضافة على المؤسسات الحكومية الاتحادية والخاصة، بحيث تنال الأولى 30% منها، فيما تستأثر الثانية بنسبة 70%، بهدف تحقيق خدمات محلية أفضل، وتنمية مجتمعية أكبر، ودعم أوسع ومباشر للمواطنين، من خلال مشاريع تنموية وخدمية متنوعة، تصب جميعها في مصلحة المواطنين.
ولأنها موضوعية في كل القضايا والمواقف، وتعتمد الشفافية نهج عمل، ورؤية، وتقييماً، وتفي بوعودها كعادتها، تعهدت الحكومة بأنها ستكون شفافة حول طبيعة هذه المشاريع، وحازمة في الرقابة على الأسواق لمنع رفع الأسعار، ليكون لفرض ضريبة القيمة المضافة ما يبرره ميدانياً، بزيادة المشروعات التي تصب في مصلحة المواطن، وعدم استغلالها من قبل بعض التجار الجشعين، وشبه الاحتكاريين، باللجوء لمواصلة الرفع العشوائي للأسعار، غير آبهين بضرورة الحفاظ على استقرار المجتمع، وسلاسة تعاملاته، بعيداً عن الأزمات الاقتصادية الحادة، وعدم الاستقرار الاجتماعي.
المشكلة في أسواق الإمارات وتفاعل العرض والطلب، أن هناك شبه استسلام لقبول الاتجاه التصاعدي في الأسعار نتيجة الاحتكار القائم في سوق الإنتاج، والاستيراد، وهو هنا ليس بمعنى تحكّم الفرد، ووحدانيته في ممارسة النشاط، فهناك احتكارات تمارسها مجموعات متجانسة في طبيعة العمل التجاري الذي تقوم به، وأمامنا أوضح مثال نجده في الإجابة عن: من الذي يتحكم في أسعار أسواق السمك في طول البلاد، وعرضها؟
إنه ليس فرداً بالمطلق، ولا مجموعة أفراد، بل كل الذين يعملون في الدلالة يتفقون على أسعار معينة تخضع للحدّين الأعلى والأدنى لا يتجاوزهما أحد، وبينهما الحرية المطلقة للدلال، أو التاجر في اتخاذ القرار المناسب له.
وعلى مستوى الباعة في الأسواق، تجد هذا التنسيق الغريب، الاحتكاري بين مجموعات من كل حدب وصوب، تجمعها مصلحة واحدة، وهي وضع أعلى سعر للبضاعة ليعود عليهم بأقصى ربح ممكن، وأينما اتجهت وسألت عن سعر المنتج تجده واحداً تقريباً، نتيجة اتفاق غير مكتوب بين المتحكمين في الأسواق.
التخوف ليس من لجوئهم لرفع الأسعار بذريعة الضريبة، فجشع التجار لا حدود له، وسيستمر محتكرو الأسواق في زيادة أسعار بضائعهم في فترات متقاربة ومتلاحقة، إلى درجة التشبع والتخمة، لكنهم سيتذاكون، ولا يرفعون أسعار كل البضائع، وهم قادرون على الصبر، والانتظار، ويمكنهم السعي لتحقيق ذلك لاحقاً.
عيون الحكومة على محدودي الدخل يقظة وساهرة، ولا يغمض لها جفن، وتيسر لهم أمور حياتهم في كل الأوقات، وهي حريصة على ذلك، وتبذل جهودها لتمنع القلة من التحكم في سلاسة الحركة التجارية وانتعاشها، فالأسعار المرتفعة تخفض الطلب، والرغبة في الشراء، فتتكدس البضائع ويتلف بعضها، ويتحمل الاقتصاد الوطني والمواطن تبعية جشع بعض المتحكمين في الأسواق.
استقرار مجتمعنا وأسواقنا يتحقق بعقلانية أسعار بضائعنا، وزيادة التدخل الرقابي على العملية التجارية، لمصلحة التجار بالربح المقبول، ولمصلحة الجمهور بتيسير الحصول على احتياجاتهم الأساسية بلا معاناة، ولا مغالاة.
ebnaldeera@gmail.com
ابن الديرة