ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض «التواقيع والرقاع» الذي ينظمه مركز دبي لفن الخط العربي، في ندوة العلوم والثقافة، عقدت أمس الأول ندوتان، الأولى قدمها الخطاط الدكتور عبد الرضا بهية بعنوان «الخصائص البنيوية للأقلام الستة في العصر العباسي»، فيما قدم الثانية الخطاط التركي مصطفى اغور درمان، بعنوان «نظرة على خطي التواقيع والرقاع»، بحضور محمد المر رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة.
تناول بهية مصطلح «الأقلام الستة» مشيراً إلى أنه يتحدد بالخطوط المنسوبة وهي: «الثلث، النسخ، المحقق، الريحاني، التواقيع، والرقاع»، التي تبلورت في العصر العباسي، وتعد خلاصة الأنواع الكثيرة التي سادت في العراق في ذلك العصر، منبهاً إلى أن تعدد الأقلام وتفرعها جاء نتيجة للانتعاش الإبداعي لفن الخط العربي الذي كاد فيه أساطين الخطاطين أن يبتكروا لكل غرض وظيفي نوعاً يلبيه، ويستجيب لمتطلباته، لا سيما بعد انطلاق موجة الخطوط اللينة التي جسدت حرية حركة اليد وطواعية الحروف المنسوبة، بعد أن كانت الخطوط الموزونة «الكوفية بأنواعها» مقيدة بتقنيات الرسوم الهندسية ذات المسارات التي تغلب عليها صفة الاستقامة والتقنين الشكلي المحدد.
وأشار إلى أن مصطلح «القلم» هو تعبير آخر لمصطلح «الخط»، أي أن هنالك ترادفاً بين «القلم» الذي هو أداة الكتابة و«الخط» كنوع محدد.
وفي المحاضرة الثانية تناول درمان أشهر خطوط التواقيع والرقاع في العصور الإسلامية القديمة، خاصة خلال العصر العباسي، فالتوقيع هو موافقة السلطان على العريضة أو الطلب، بينما الرقاع هو الخط المتبع في كتابة الطلب.
وأشار درمان إلى سبب إطلاق تسمية «قلم» و«خط»، موضحاً أن عرض سن قلم الطومار يحدد ما إذا كان «نصفاً أو ثلثاً أو ثلثين»، بالتالي أطلقت على تلك الأنواع تسمية «قلم»، ونتجت عن ذلك مسميات مثل: قلم الثلث، وقلم خفيف الثلث، وقلم التوقيع، وقلم الرقاع، وأطلقت على الأنواع التي تشكلت فيما بعد تبعا لتلك الأقلام كلمة خط، مثل الوضاح والحواشي والقصص، مشيراً إلى أن تسمية قلم الدواوين، وربما أيضاً قلم الرقاع، جاءت من قبل الشاعر والكاتب يوسف لقوة نقلاً عن أسلافه مما يعرف ب«النصف الثقيل» كقلم مستقل، وقد أعجب بهذا القلم الفضل بن سهل إعجاباً شديداً حتى إنه أطلق عليه القلم الرياسي، وقد خصص «قلم التوقيع» فيما بعد للمراسلات الصادرة عن الديوان.
وذكر درمان أن أبا الفضل أحمد بن محمد الدينوري، المعروف بابن الحزين، قد وضع قواعد قلمي التوقيع والرقاع التقليدية، وهذا يشير إلى أن هذين النوعين من الخط قد اكتسبا خصائصهما قبل بقية الأنواع الأخرى، مشيراً إلى أن الفوارق بسيطة بين «التوقيع» و«الرقاع» إذ يكتب التوقيع بخط الثلث، في حين يكتب الرقاع بقلم النسخ، وعدا عن ذلك، لا يمكن مشاهدة فوارق كبيرة في الحروف.
وتحدث درمان عن كتابة الفرمانات والبراءات والأوامر القصيرة في الديوان السلطاني لدى العثمانيين، حيث جرت العادة على كتابة الأوامر القصيرة بخط التوقيع، والطويلة بخط الرقاع، وأن خط الرقاع قد أطلق عليه لاحقاً خط الإجازة لأنه استخدم في كتابة نصوص الإجازات العلمية.
دبي: علاء الدين محمود