دبي: «الخليج»
يأتي إكسبو 2020 دبي، ليشكل علامة فارقة في تاريخ الإمارات، كدولة تسعى لأن تكون في مقدمة الدول العالمية من حيث التطور والرفاه، وتعزيز قيم الابتكار والتجديد في مختلف المجالات، وسيشكل إكسبو بلا شك فرصة ومنصة للحوار الثقافي بين الإمارات والعالم، ومساحة رحبة تتقلص فيها المساحات الجغرافية لتتيح مجالاً واسعاً للتماس مع الثقافات العالمية الحضرة، وفهم جوهرها ومكانتها بشكل أعمق بعيداً الصور النمطية.
تحضر إفريقيا في إكسبو 2020 دبي بقوة، من خلال مشاركة كبيرة لدول هذه القارة العريقة، والتي تنبض بالطاقات الشابة الطموحة تسعى إلى نقل صورتها الحضارية الصحيحة للعالم، وتؤكد حضورها الإبداعي فكرياً وثقافياً.
«الخليج» التقت الدكتورة حياة محمد شمس الدين، مستشارة أولى للشؤون الثقافية لدى إكسبو 2020 دبي، التي أكدت أن التبادل الثقافي حجر أساس في مسيرة التنمية البشرية، وأن إكسبو 2020 دبي سيعزز المشاركة الإفريقية من خلال تخصيص جناح لكل دولة، وأن الحوار الثقافي سبيل لتحقيق الازدهار والتفاهم والعمل المشترك بين الشعوب. وأضافت أن التواصل الثقافي بين الحضارات والشعوب أحد مولدات الأفكار الجديدة التي تصب في مصلحة البشرية جمعاء، وأن إكسبو سيدعم مختلف الفعاليات التي تسهم في تواصل العقول وصنع المستقبل.
* ما أبرز القواسم المشتركة بين الإمارات ودول إفريقيا جنوب الصحراء؟
- توجد الكثير من القواسم المشتركة، أبرزها الرؤية المشتركة للتنمية والحفاظ على البيئة ودعم الابتكار والعمل على توفير أفضل سبل العيش. وتشترك الثقافة الإماراتية كذلك مع كثير من الثقافات الإفريقية بكلمات مشتركة في المعنى والنطق. وتوجد أيضاً أطعمة مشتركة، علاوة على الموسيقى والفنون، وكثير من مفردات الموروث الشعبي، وبهدف توثيق هذه القواسم المشتركة أطلق مكتب وزيرة الدولة للتعاون الدولي، العام الماضي، كتاب «رؤية مشتركة.. أصوات مشتركة» تكريماً للعلاقات المميزة التي تجمع الإمارات بدول إفريقيا جنوب الصحراء.
سلط الكتاب الضوء على العلاقة الخاصة والمميزة التي تطورت بين الإمارات وإفريقيا جنوب الصحراء، على مدى السنين وعلى فرص التعاون الممكنة التي تسهم في ضمان مستقبل مشترك أفضل للأجيال المقبلة مدعومة من إكسبو 2020 دبي الذي يعمل على إعداد المنصة المناسبة لمشاركة دول إفريقيا جنوب الصحراء.
ويحتفي الكتاب بالتبادل الحضاري واللقاءات والحكايات القيمة التي جمعت بين الشعوب في الماضي، و يطرح أيضاً تطلعات الإمارات نحو تحالف أعمق. ومن خلال الرؤية المشتركة سنستمر بالبناء لتكون دولنا قوية صامدة وقادرة على إحداث التغيير الإيجابي للمشاركة في جعل العالم أفضل.
* ماذا سيقدم إكسبو دبي للدول الإفريقية؟
- انطلاقاً من شعار إكسبو «تواصل العقول وصنع المستقبل»، سيعمل إكسبو على تعزيز التواصل مع دول العالم وتسليط الضوء على آفاق جديدة لتعزيز العلاقات الثقافية بين دول قارة إفريقيا والإمارات وباقي المنطقة.
ولأول مرة في معارض إكسبو العالمية سيكون لكل دولة مشاركة جناحها الخاص. وهو ما سيتيح فرصة لا سابق لها بالنسبة للدول الإفريقية أن تعرض إبداعاتها وتحكي قصتها وتعرّف بموروثها الثقافي، وبالمثل، هي فرصة للعالم أيضاً كي يتعرّف إلى ما لدى إفريقيا لتقدمه من روائع الثقافات الغنية التي لم تكن معروفة لدى الكثيرين، وسيسهم ذلك في تغيير الصورة النمطية بأن إفريقيا بلد واحد ذو ثقافة واحدة.
إذاً، سيكون إكسبو بوابة الدول الإفريقية للتواصل مع 180 دولة ستشارك في الحدث الذي تستضيفه منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا لأول مرة.
وسيكون إكسبو كذلك منصة للتواصل مع الزوّار، حيث من المتوقع أن يبلغ عددهم 173 ألف زائر يومياً، و235 ألف زائر في أيام العطلة الأسبوعية و247 ألف زائر في أيام الذروة. وستترسخ الثقافة في إكسبو من خلال إتاحة منصة حضارية وندوات وورش عمل تعزز قيم التسامح في النفوس والعمل لإعمار الأرض ونشر السعادة في نفوس الجميع، وهذا سينتج ممارسات جديدة تقدم كل ما هو مفيد للعالم.
إن تركيز إكسبو منصب في هذا الجانب، على تفرد الثقافة الإفريقية بجوانب خاصة من الإبداع. وفي الوقت ذاته تشهد الثقافة الإفريقية نوعاً من النهضة في العالم، ونجد أن الفن التشكيلي الإفريقي يلقى اهتماماً كبيراً على مستوى العالم، وبدأت الموسيقى الإفريقية تظهر للعلن بشكل كبير.
وإذا ما طبقنا تواصل العقول في هذا الجانب، فنحن يقيناً على موعد مع إبداع إنساني جديد تسهم إفريقيا في جزء كبير منه، فهذه القارة شابة ومملوءة بالطاقة والاندفاع للمستقبل، وبمواردها البشرية فإنها تتوق للانطلاق والانفتاح على العالم.
* كيف ترون تمازج وتكامل الثقافات الإفريقية مع باقي ثقافات العالم؟
- مثلما أسلفنا، فالعالم كله متطلع إلى إفريقيا. ولا يخفى على المتابعين أنه من إفريقيا من نال جوائز نوبل وغيرها من الجوائز الراقية. والحديث هنا عن ثقافات وحضارات ودول مختلفة تضمّها القارة، وهو ما يولد ثراء وإضافة نوعية ثقافية ومكوناً جوهرياً من مكونات الثقافة الإنسانية.
فالثقافات الإفريقية باتت اليوم تؤثر ولا تتأثر فقط، والكل يرى بوضوح كيف أن أنغاماً موسيقية غربية استلهمت أنماطاً موسيقية إفريقية كثيرة.
ولا ننسى اللغة وأهميتها في التفاعل البشري، وشمال إفريقيا يضم عشر دول عربية، كانت على الدوام همزة الوصل بين الثقافة العربية على اختلاف مشاربها ونظيرتها الإفريقية القادمة من مشارب مختلفة هي الأخرى.
* ما أهمية التبادل الثقافي مع الشعوب الإفريقية؟
- التبادل الثقافي حجر الأساس في مسيرة التنمية البشرية، وعنصر محوري من عناصر تعزيز التواصل بين الشعوب والحضارات، حيث يتطلع إكسبو إلى تقريب المسافات بين الإمارات ودول إفريقيا، ويعمل على بناء الجسور التي ترتقي بالحوار المتبادل بين الشعوب، كما أن الحوار الثقافي سبيل لتحقيق الازدهار والتفاهم والعمل المشترك، حيث سيتبادل المشاركون في إكسبو انطلاقاً من تجاربهم العميقة، القواسم الإنسانية المشتركة التي تجمع بين الثقافة والفنون وكيفية إسهامها في بناء جسور اللقاء الحضاري والإنساني، والعمل لإيجاد مستقبل أفضل.
إن تواصل الثقافات يولد التسامح ويتيح المجال للإبداع والتعرف إلى الآخر واحترام الاختلاف، فعندما تكون البداية احترام الاختلاف لا بد أن يؤتي ذلك ثماراً من السلام والوئام للبشرية جمعاء.
* كيف ستكون منصات دول إفريقيا المشاركة في إكسبو؟
- إكسبو 2020 دبي أكبر إكسبو في التاريخ من حيث عدد الزوار الدوليين، حيث من المتوقع أن يأتي 70% من زواره من خارج الإمارات لحضور فعالياته. كما نتطلع إلى إقامة حدث عالمي شامل يضم ما يزيد على 200 مشارك منهم دول ومنظّمات دولية، وشركات ومؤسسات تعليمية، كما أعدّ إكسبو برنامجاً مميزاً للمتطوعين يهدف إلى استقطاب ما يزيد على 30 ألف متطوع من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات والخلفيات.
إكسبو يتيح المجال لكل دولة كي تفتخر بإبداعاتها وبموروثها بعيداً عن الصور النمطية.
وبالإضافة إلى أن الدول ستحتل أجنحة بلا ترتيب جغرافي، مما يتيح للدول الإفريقية كلها فرصة التفاعل مع بلدان من قارات وثقافات مختلفة، وعرض هويتها وذاتها كدولة منفردة عوضاً عن وضعها تحت مظلة فضفاضة اسمها إفريقيا.
وهذا كله سيجعل من إكسبو ملحمة ثقافية وفكرية تتشارك في صناعتها الإمارات ودول إفريقيا، وستمتد هذه الملحمة على مساحة إجمالية تبلغ 4.38 كيلومتر مربع، في موقع إكسبو 2020 دبي في منطقة دبي الجنوب.