شهدت حرم صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة «نماء» للارتقاء بالمرأة الراعية الفخرية للمبادرة العالمية لإدماج المرأة، صباح أمس الجلسة المغلقة الخاصة التي شاركت فيها كل من خولة الملا رئيس المجلس الاستشاري في حكومة الشارقة وعفراء البسطي مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال والدكتورة موزة الشحي مدير مكتب الأمم المتحدة للمرأة في أبوظبي، وسماح الهاجري مدير إدارة السياسات الصناعية في وزارة الاقتصاد، وأدارتها الكاتبة الإعلامية، صفية الشحي. وذلك ضمن فعاليات الدورة الأولى من «القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة»، التي تنظمها مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تحت عنوان «المرأة الإماراتية: إمكانات وتطلعات».
وحضر الجلسة الشيخة خولة بنت أحمد خليفة السويدي، حرم سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، والشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، والشيخة عائشة بنت محمد القاسمي عضو اللجنة الاستشارية في المجلس الأعلى لشؤون المرأة وفومزيلي ملامبو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والسفيرة الدكتورة إيناس مكاوي، مديرة إدارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية. وجمع من القيادات النسائية الإماراتية.
وناقشت الجلسة واقع المرأة الإماراتية في ظل ما توفره القيادة الرشيدة من إمكانات وموارد كبيرة للارتقاء بمكانتها في مختلف المجالات، وخصوصاً في المجال الاقتصادي، والميزة التنافسية في الدولة والعالم للمرأة، وخيارات وبدائل تميّز المرأة في الاقتصاد، إضافة إلى مؤهلات الإماراتيات لدخول عالم الأعمال، مع التركيز على نقاط القوة لديهن ودعمها، وتقديم رؤية شاملة حول التطلعات للمستقبل المهني للمرأة.
حصة الإماراتيات
ودعت خولة الملا إلى ضرورة إتاحة الفرص أمام المرأة في القطاع الخاص حيث إنه وبحسب الإحصائيات التي تشير إلى أن نسبة التوظيف في القطاع الخاص تسجل 95% لغير المواطنين مقابل 5% للمواطنين، فكم ستكون حصة الموظفات الإماراتيات في هذا القطاع؟ ورأت بضرورة عمل دراسة تحليلية من الواقع للكشف عن مكامن الخلل أو المعوقات تجاه هذا النقص ومعرفة نوعية المشاكل التي تحول دون المشاركة، ومن ثم رسم سياسات لتمكين المرأة تتجاوز تلك المشكلات. ورأت الملا أن الاستفادة من تجارب الآخرين أمر مفيد جدا إلا انه واجب علينا المحافظة على خصوصية المجتمع الإماراتي في ما يتعلق بعمل المرأة. والدستور الإماراتي قد سن بعض الشروط حول الوظائف التي يمكن للمرأة أن تعمل بها والعكس وذلك ضمانا وحفاظا على صحتها، وحتى نستطيع أن نصدر للعالم مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا.
وقالت رئيس المجلس الاستشاري في حكومة الشارقة إن رؤية الإمارات بالنسبة للمرأة كونها شريكا، لم تكن وليدة اللحظة إنما من زمن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله والذي أرسى هذه الرؤية الطموحة والتي لا سقف لها، والتي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا وبالتالي هذا ما يميز الإمارات عن غيرها من الدول، ويؤكد أيضا أننا في نمو لم يأت من فراغ بل من التشريع الإسلامي والذي جعلنا نموذجاً لدولة مساحتها صغيرة، وإنما مساحتها كبيرة في الإنجازات الواحدة تلو الأخرى.
مشكلات العنف
أما عفراء البسطي، فأكدت انه لا يمكن تمكين المرأة اقتصاديا من دون حل مشكلات العنف التي تعاني منها مجموعة من النساء المعنفات، كونها لا تكون قادرة على العطاء بل قد تصبح عالة على كاهل الدولة التي صرفت أموالا على تعليمها وتدريبها، وحول مدى تفاعل بيئة دولة الإمارات أسرياً واجتماعياً مع أهداف التمكين أجابت: من خلال التجربة التي نعيشها نستطيع أن نعرض تجارب وهذه التجارب بعضها نجح وبعضها فشل، ومن هنا يجب أن نعمل على تمكين المرأة، ولكن التمكين لا يكون فقط من خلال تقديم الحب والكلمات الطيبة، ولكن من خلال الأفعال، والنواحي كافة، كالتمكين الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، فالمرأة التي تتعرض للعنف لا تستطيع أن تكون منجزة وفاعلة في المجتمع، حيث هي نصفه الثاني وأساسه المتين.
وتساءلت البسطي عن أمر جوهري يتصل بمدى معرفة المرأة بالقوانين والتشريعات التي تنصفهن وتسمح لهن بالعمل وغير ذلك من القوانين مؤكدة أن الكثير منهن على عدم معرفة بها. وقالت إن العنف الذي تواجهه المرأة لن يكون مردوده السيئ عليها فقط بل على أسرتها وعلى أبنائها وعلى مجتمعها كافة، لأنها تصبح إنساناً غير مقبل على الحياة ولا على العطاء والعمل.
مساواة الفرص
أما سماح الهاجري فأكدت على ضرورة المساواة بين الفرص المعطاة للرجل والمرأة وأنها يجب أن تكون متساوية مشيرة إلى أن الكثير من العقبات التي تواجه المرأة في المهن التخصصية أو الفنية هي عدم الثقة بقدراتها، لذا تكون الأولوية في فرص العمل للرجل، وقالت «وصلت المرأة الإماراتية في المجال الاقتصادي إلى مراحل متقدمة ومؤثرة، بعدما كانت في السابق للرجل في كثير من المناصب الحساسة والفاعلة في الدولة، ويعود ذلك إلى التشريعات في ملفات الموازنة والمساواة بين الجنسين، التي أصبحت تمثل جزءًا كبيراً من أجندة حكومة الإمارات، وبكون القيادات العليا لديها توجهات واضحة جداً في موضوع المساواة، ولكن هناك تحديات تقلل من قدرات المرأة في تخصصات معينة، ومواجهة هذا التحدي تكون برفع كفاءة المرأة الإماراتية، التي أثبتت دورها فعليا وشاركت في نطاقات عمل غير تقليدية كمجال الفضاء والذكاء الاصطناعي». وأكدت أن التحدي الأكبر يكون في القطاع الخاص بنسبة أعلى من القطاع الحكومي أو شبه الحكومي، لذا تهتم وزارة الاقتصاد اليوم بمبادرات تشمل القطاع الخاص كشريك فيها. كما تناولت في جانب آخر إشكالية التخصصات الأكاديمية التي من الواجب أن يصار إلى إعادة النظر فيها وتحديثها وأن تكون نسبة كبيرة منها إن لم تكن جميعها موائمة ومنسجمة مع متطلبات السوق لحل أزمة الوظيفة، وهذا أيضا ما تعمل عليه وزارة الاقتصاد التي تعمل حاليا على مؤشر الابتكار العالمي والذي يتفرع عنه فرع التطوير والبحث الذي يمكن الشباب من اختيار التخصصات المطلوبة.
تسريع وتيرة التقدم
وفي حديثها عن دور هيئة الأمم المتحدة وأسباب وجودها قالت موزة الشحي: «أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، المعروفة رسمياً باسم هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في عام 2010 من أجل تسريع وتيرة التقدم نحو تلبية احتياجات النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، وتدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عند وضعها معايير عالمية لتحقيق المساواة بين الجنسين، والعمل مع الحكومات والمجتمع المدني لوضع القوانين والسياسات والبرامج وتقديم الخدمات لضمان تلبية احتياجات وقدرات النساء والفتيات». وأضافت الشحي: «لا تزال هناك حاجة ماسة للأنشطة والأعمال التي تقوم بها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في جميع أنحاء العالم، حيث لا تزال أوجه عدم المساواة بين الجنسين راسخة بعمق في كل مجتمع، وتفتقر النساء إلى فرص الحصول على عمل لائق ويتعرضن للعزل عن الوظائف إلى جانب اتساع فجوات الأجور بين الجنسين، وكثيرًا ما تحرم المرأة من الحصول على التعليم الأساسي والرعاية الصحية، وتعاني في جميع أنحاء العالم من العنف والتمييز، وتفتقر المرأة إلى المشاركة والتمثيل الكامل في عمليات صنع القرار السياسي والاقتصادي».
وتحدثت الشحي عن مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون الخليجي، ومقره أبوظبي، وأهميته كأول مكتب من نوعه في المنطقة العربية، ودوره في تقاسم العديد من الدروس التي يمكن المشاركة فيها لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فقالت: «يعمل مكتب الاتصال وفق آلية هامة يمكن من خلالها فتح أفق التعاون مع شركائنا الإقليميين ويؤكد التزام دولة الإمارات في تمكين المرأة اقتصادياً، ويعود فضل هذا الالتزام لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات) والتي أكدت على أن تمكين المرأة - من الناحية الاقتصادية وغيرها من نواحي الحياة - هو المرتكز الرئيسي في كل ما تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة».
الشارقة: ميرفت الخطيب