رفض العالم خطوة الولايات المتحدة في تهويد مدينة القدس المحتلة، ومنحها للاحتلال «الإسرائيلي» والاعتراف بها كعاصمة ل«إسرائيل»، ونقل السفارة الأمريكية إليها. واستنفر العرب ضد هذه الخطوة التي تؤسس لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة تمهد لسحق الحقوق الفلسطينية، كما تدق مسماراً آخر في نعش عملية التسوية.
وتستعد جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، لعقد اجتماعات طارئة لبحث التحركات رداً على قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها في «إسرائيل» إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة ل«إسرائيل». ويعقد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، اجتماعاً غير اعتيادي، بعد غد السبت، بناء على طلب من فلسطين والأردن.
وذكرت مذكرة لمندوبية دولة فلسطين، أن الاجتماع سيناقش «بحث التحركات العربية الواجبة إزاء هذا التغير المحتمل في الموقف الأمريكي الذي يمس بمكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي». واعتبرت المذكرة أن هذا الإعلان المرتقب يعتبر «خرقاً سافراً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة واتفاقية جنيف الرابعة». ويأتي هذا الطلب بعقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، استناداً للقرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة والوزاري في دوراته المتعاقبة.
من جانبها، ستعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعاً في إسطنبول الأربعاء المقبل. وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الهدف من الاجتماع هو «تنسيق الرد» على قرار الولايات المتحدة بشأن القدس. وحذر كالين ترامب من ارتكاب «خطأ فادح يمكن أن يدمر عملية السلام الهشة بالفعل في الشرق الأوسط».
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس أن وضع القدس لا يمكن أن يحدد إلا عبر «تفاوض مباشر» بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، مذكراً بمواقفه السابقة التي تشدد على «رفض أي إجراء من طرف واحد». وقال الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» لا يوجد بديل عن حل الدولتين على أن تكون «القدس عاصمة «لإسرائيل» وفلسطين».
وأعربت مصر عن استنكارها لقرار الولايات المتحدة، ونقل سفارتها إليها، ورفضها لأية آثار مترتبة على ذلك. وأكدت أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفاً لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها واقعة تحت الاحتلال وعدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة للاحتلال «سيفيد الجماعات الإرهابية». وقال في ختام لقاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في أنقرة «أوجه هنا نداء إلى العالم اجمع: امتنعوا عن اتخاذ أي إجراء يهدف إلى تغيير الوضع الشرعي» للقدس، وحذر من أنه «لا أحد لديه حق التلاعب بمصير مليارات الأشخاص إرضاء لرغبات شخصية». وأكد العاهل الأردني أن المدينة المقدسة «مفتاح استقرار» المنطقة. وتابع أن «تجاهل حقوق المسلمين والفلسطينيين ومسيحيي القدس لن يؤدي إلا إلى تأجيج التطرف وتقويض الحرب على الإرهاب». وحذر العاهل الأردني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون من «تبعات خطيرة» لقرار الرئيس الأمريكي، وأكد أن «موضوع القدس يجب تسويته ضمن إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وتعيش بأمن وسلام إلى جانب «إسرائيل»»، وعقب إعلان ترامب عن خطواته اكد الأردن أن اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» خرق للشرعية الدولية والميثاق الأممي، في حين أكد ماكرون أن وضع القدس يحدده الفلسطينيون و«الإسرائيليون» من خلال المفاوضات.
وحذرت وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها الإلكتروني من أنه من المتوقع خروج تظاهرات، وأن على الفرنسيين تجنب هذه التظاهرات والابتعاد عن أي تجمعات كبيرة في القدس والضفة الغربية وغزة، في حين قالت وزارة الخارجية الألمانية إن ألمانيا تشعر بالقلق من احتمال اندلاع اشتباكات عنيفة في الشرق الأوسط.
واستدعى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالرباط، ستيفاني مايلي، على خلفية نية واشنطن نقل سفارتها في «إسرائيل» من «تل أبيب» إلى القدس. وأعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة بعث بها إلى أنطونيو جوتيرس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، عن مشاعر القلق والانشغال، إزاء الأخبار المتواترة بشأن نوايا الإدارة الأمريكية ضد القدس.
ووصفت وزارة الخارجية التركية قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأنه «خاطئ». ودعت الإدارة الأمريكية لإعادة النظر في قرارها الخاطئ (حول القدس) والابتعاد عن الخطوات غير المدروسة.
وأعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عن قلق بلاده. وقال، «إننا ننظر إلى التقارير التي وردتنا بقلق، لأننا نرى أن القدس ينبغي بوضوح أن تكون جزءاً من التسوية النهائية، تسوية يتم التفاوض عليها». وذكرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها تعتزم الحديث مع دونالد ترامب بشأن وضع القدس الذي قالت إنه يتعين أن يتحدد في إطار تسوية بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين».
وفي بكين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينج شوانج في مؤتمر صحفي «نحن قلقون إزاء تصعيد محتمل للتوتر»، مضيفاً «على كل الأطراف المعنيين أن يفكروا في السلام والاستقرار الإقليميين». ودعا البابا فرنسيس إلى احترام الوضع القائم في القدس. وأعرب عن «قلقه العميق إزاء الموقف الذي أثير في الأيام الأخيرة». وأكد رئيس وزراء الفاتيكان الكاردينال بارولين رفض الفاتيكان لهذه الخطوة.
وأعربت روسيا عن قلقها إزاء خطط الرئيس الأمريكي بشأن القدس. وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في موسكو: «الوضع ليس سهلاً». وأضاف المتحدث أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلق لأن الاعتراف قد يكون له عواقب وخيمة على المنطقة، مشيراً إلى أن بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني الفلسطينيين إلى «ضبط النفس».
واعتبرت الحكومة الليبية المؤقتة التابعة للبرلمان أن أي مساس بالقدس هو مساس بالعرب جميعاً، واستفزاز لمشاعرهم. وأعلن مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان أن الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» هو أمر مرفوض، وخطوة على طريق القضاء على القضية الفلسطينية، ودعا إلى تفعيل انتفاضة الشعب الفلسطيني للمحافظة على الهوية العربية للقدس. وفي طهران ندد الرئيس الإيراني حسن روحاني بقرار نظيره الأمريكي.
عواصم: «الخليج»، وكالات