عدنان نجم
انطلقت أمس فعاليات قمة «بلومبيرج للاستثمار» في أبوظبي، التي عقدت في فندق «فور سيزونز» أبوظبي في جزيرة المارية، بحضور المهندس سهيل محمد فرج المزروعي وزير الطاقة والصناعة، وأحمد علي الصايغ، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، وعدد من ممثلي القطاعين العام والخاص ورواد قطاع المال والمبتكرين لاستكشاف أهم الفرص وأكبر المخاطر التي تواجه المستثمرين في الاقتصاد العالمي.
قال المهندس سهيل محمد فرج المزروعي إن قمة «بلومبيرج للاستثمار» في أبوظبي تعد أهم تجمع عالمي للمسؤولين والخبراء والمعنيين بقطاع الطاقة في العالم، مؤكداً أنها ستوفر للمعنيين تفهماً عميقاً للفرص والتحديات التي تواجههم في عام 2018.
وأعرب وزير الطاقة عن توقعاته بتحسن أداء أسواق النفط خلال السنة القادمة 2018 وأن الاقتصاد العالمي سيكون أكثر تعافياً مع تسجيل معدل نمو أفضل بواقع 3,7 %.
وقال: «بناء على ذلك أرى أن أساسيات السوق تسير على الطريق الصحيحة وأن تفاهمات أوبك الأخيرة قد أعطتها دفعة معززة متفائلين بعد اجتماع أوبك وقرار الاستمرار في خفض الإنتاج على أن يواصل السوق تعافيه خلال العام القادم».
الاستثمارات في النفط والغاز
وتوقع زيادة الطلب على النفط في 2018 وأن يسجل معدل نمو بواقع مليون ونصف البرميل أي في حدود مستوى النمو الذي تحقق خلال عام 2017، مشدداً على أن العام المقبل سيشهد المزيد من ضخ الاستثمارات في قطاع النفط والغاز تلبية للطلب العالمي، مؤكداً أن الطلب العالمي من النفط يتزايد كما أن مخزونات النفط تتراجع بصورة ملحوظة.
وقال إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مسؤولة وستستمر في مسؤوليتها في تحقيق توازن الأسواق فيما يتعلق بالنفط والغاز، مشيراً إلى تحسن السوق العالمية العام المقبل.
وأضاف المزروعي: «فيما يتعلق بأخلاقيات السوق الأمر يتعلق بالسعر فحسب بالنظر إلى النجاح بإزالة أو إلغاء السبيين الرئيسيين في المشكلة الأول الوفرة في السوق والثاني المخزونات العالية بشكل زائد لاسيما المخزونات أكثر من المتوسط لخمسة أعوام، وبمجرد أن بدأنا عملية تخفيض الإنتاج في يناير الجاري شهدنا نوعاً من الانخفاض الكبير وذلك بتخفيض أكثر من 180 مليون برميل من المخزونات.
تنويع مصادر الدخل
وذكر المزروعي أن دولة الإمارات نجحت في خططها لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط، حيث إن الاقتصاد الوطني يعتمد بنسبة تتراوح بين 60-70% على مصادر غير نفطية، مما جعل اقتصادنا أكثر تنوعاً وابتكاراً، مع الاعتماد في المستقبل على الذكاء الاصطناعي.وأشار إلى أن النفط ينال أهمية بالغة من قبل الحكومة الرشيدة مع اعتماد خطط استثمار 400 مليار درهم في هذا القطاع الحيوي والمهم.
مكاسب قوية ومستمرة
وقال أحمد علي الصايغ، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي: «مع اقترابنا من عام 2018، فمن المفيد أن نلقي نظرة سريعة على ما حمله عام 2017. فعلى الصعيد العالمي، شهدنا الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، ونتائج ارتفاع الاحتياطي الفيدرالي، وظهور القيادة الصينية الجديدة مع توقعات بتحقيق معدلات نمو عالية، وتوصل اليابان والاتحاد الأوروبي لصيغة نهائية لاتفاقية التجارة الحرة التي تغطي 30% من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، واتخاذ المملكة المتحدة لقرار الانفصال «بريكيت» عن منظومة الاتحاد الأوروبي. ويبدو بشكل عام أن الاقتصاد العالمي بدأ يتمتع بتعافٍ متناسق، كما أن معنويات الأسواق المالية مرتفعة مع تحقيقها لمكاسب قوية ومستمرة في الأسواق الناشئة والمتقدمة».
وأضاف الصايغ: «ووفقاً لنتائج أحدث تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن نسبة النمو العالمي المتوقعة في 2017 تبلغ 3.6%، بينما تبلغ في 2018 نسبة 3.7%. أما في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، فقد توقع صندوق النقد الدولي تحقيق المنطقة لنسبة نمو تبلغ 3.3% في 2018، وذلك بقيادة كبرى اقتصادات المنطقة مثل الإمارات والسعودية والكويت، حيث تشير هذه التوقعات لفعالية الجهود التي تبذلها والإجراءات التي تتخذها حكومات المنطقة في هذا الصدد».
عمليات الدمج
وذكر الصايغ أن العام الحالي شهد العديد من الأحداث الكبرى التي أعادت تشكيل الأسواق محلياً وأثّرت كذلك في المثال هناك الإعلان عن الخطة السعودية الطموحة البالغ حجمها 500 مليار دولار الهادفة لتنويع الاقتصاد الوطني السعودي المعتمد على النفط من خلال خصخصة أصول الدولة، والساعية لخلق نحو 1.2 وظيفة في القطاع الخاص، وخفض البطالة بنسبة 9% مقارنة بنسبة 11.6% حالياً وذلك بحلول عام 2020.
وقال: «شهدنا على المستوى المحلي عدة تطورات بارزة أعادت توجيه دفة الأعمال وشكلت أيضاً فرصاً جديدة لتحقيق النمو المستدام، حيث شهدنا إطلاق بنك أبوظبي الأول، أحد أكبر المؤسسات المالية في العالم. وهو بنك يتمتع بالقدرة المالية، والخبرة الواسعة، والعلاقات المتينة التي تتيح له مواصلة دعم النمو في المنطقة والعالم».
واستطرد بالقول: «وشهدنا أيضاً عملية الدمج الفعال بين شركة مبادلة للتنمية وشركة الاستثمارات البترولية الدولية «آيبيك»، وتوجه شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» لخطط دمج أعمال بعض شركاتها، وخطط طرح أسهم للاكتتاب العام». وأيضاً نجد تبني شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، وهي مساهم بنحو 5 مليارات دولار في الاقتصاد الوطني للدولة، خطة لدراسة طرح أسهم للاكتتاب العام الذي يمكن أن يجمع نحو 3 مليارات دولار.
كما نجد قيام شركة «ستراتا» لتصنيع مكونات الطائرات لتأسيس شراكات مع أكبر شركات تصنيع الطائرات العالمية مثل «ايرباص»، و«بوينغ»، و«ليوناردو فينميكانيكا» لدعم أعمال تجميع مكونات طائراتهم.
خريطة طريق
وأكد الصايغ أن كل هذه الأعمال تعد جزءاً من خريطة طريق تساهم في تشكيل استراتيجية الدولة وأبوظبي لتأسيس اقتصاد مستدام وذي قيمة مضافة عالية يدعم ويلبي احتياجات شعب الإمارات والمنطقة.
وأوضح أن دولة الإمارات قد تكون دولة شابة إذا ما قارنا عمرها باقتصادات دول أخرى في الشرق والغرب، ولكن يمكن أن ندرك حجم التقدم الذي تم إنجازه في أبوظبي إذا ما نظرنا لإنجازات قطاعات مثل الطاقة المتجددة والنووية، وصناعات الطيران، وصناعات أشباه الموصلات خلال العقد الماضي، حيث ساهمت إنجازاتنا وخططنا المدروسة في دعم التنمية الاقتصادية محلياً وعالمياً.
وقال الصايغ: «ونجد أن النسخة ال 22 من تقرير مؤشر المراكز المالية العالمية قد صنف أبوظبي ودبي ضمن أفضل 25 مركزاً مالياً عالمياً من حيث التنافسية، كما نجحت أبوظبي خلال عام واحد فقط في القفز ثلاث مراتب لتحتل المركز ال 25 عالمياً، بينما أتت دبي في المرتبة ال 18 عالمياً. وبلا شك، فإن هذين المركزين يعكسان بوضوح الجهود والمبادرات التي تبذلها دولة الإمارات لتعزيز مكانتها كوجهة مالية عالمية».
وأضاف: ومع احتفال الدولة مؤخراً باليوم الوطني ال 46، فأجدني استحضر مقولة الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، حيث قال: «علينا ألا نعتمد على البترول وحده كمصدر رئيسي للدخل القومي بل علينا أن ننوع مصادر دخلنا وأن نبني المشاريع الاقتصادية التي تؤمن لأبناء هذه الدولة الحياة الحرة الكريمة والمستقرة».
وأكد أن النجاح الذي حققته دولة الإمارات هو نتيجة لرؤية ثاقبة وتخطيط مدروس من جانب قادتنا والآباء المؤسسين للدولة، والتنفيذ الدقيق لهذه الرؤية والخطط لتنويع مصادر الاقتصاد الوطني. ومن أحد أبرز السمات التي زرعها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في نفوسنا، هي أن الإنجازات والنتائج تتحدث عن أصحابها بصوت أعلى من الكلمات.
طموح أبوظبي الاقتصادي
وقال الصايغ: «ونحن في سوق أبوظبي العالمي نقتدي بهذه الكلمات الخالدة، ونوجه فرق عملنا دوماً بأن يبذلوا قصارى جهدهم لتقديم خدماتنا المتميزة.وفي أكتوبر الماضي احتفلنا في سوق أبوظبي العالمي بإكمال عامين على انطلاق عملنا، حيث تأسسنا كخطوة طبيعية تجسد التنويع الاقتصادي في الدولة، ولتقديم الخدمات المالية ومجالات الشمولية المالية، ولتعزيز النمو على المدى الطويل».
وأضاف: «ونحن ندرك بأن الطموح الاقتصادي لأبوظبي هو محرك رئيسي لتحقيق التحول الاقتصادي السريع تماشياً مع الديمغرافية المتنوعة للمنطقة، حيث من المتوقع أن تشكل المنطقة حتى عام 2050 أكثر من نصف النمو السكاني العالمي، وستصبح محركاً رئيسياً لدفع الاقتصاد العالمي».
واستطرد بالقول: إننا في سوق أبوظبي العالمي ندرك بأن قطاع الخدمات المالية ليس محركاً للنمو فحسب، بل قوة دافعة لتمويل القطاعات ذات الصلة ضمن المنظومة الاقتصادية. وهو كذلك قطاع يشجّع على التوزيع الفعال لرأس المال، وتوزيع المخاطر، ودعم مجالات الابتكار التي تعزز الاستهلاك والإنتاج. وهو قطاع حيوي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمنطقة التي ذكرتها سابقاً.
مبادرات مبتكرة
قال الصايغ: «إننا نواصل في سوق أبوظبي العالمي تقديم العديد من الحلول والمبادرات المبتكرة الهادفة لتعزيز الوصول لرأس المال، والاستفادة من الفرص التجارية المتاحة، وتشجيع مجالات التنمية المستدامة، حيث تشمل مبادراتنا عدداً من المبادرات الأولى من نوعها في المنطقة والمساهمة في تغيير البيئة المالية في الشرق الأوسط. ومن أبرز مبادراتنا إطلاق أول نظام خاص لصناديق الاستثمار العقاري، والإطار الجديد لمديري صناديق رأس المال المخاطر، والنظام التأسيسي الجديد للشركات، ومركز تحكيم سوق أبوظبي العالمي الذي يضم تجهيزات متكاملة لعرض القضايا، ومركز وأكاديمية المعرفة، إلى جانب إطلاق نظام شامل للتكنولوجيا المالية، وتأسيس مبادرة «المختبر التنظيمي» لتمكين شركات التكنولوجيا المالية الناشئة من اختبار وإطلاق حلولها المبتكرة».
أضاف: «نجحنا في ترخيص حوالي 600 شركة، بزيادة تعادل 380% عن العام الماضي، حيث ارتفع معدل التراخيص الممنوحة بمعدل خمسة أضاف. كما ساهم تمتع السوق بنظام متكامل ومرن لصناديق الاستثمار يوفر دخولاً سريعاً للأسواق، بزيادة معدل الأصول تحت الإدارة لتتجاوز قيمتها ال 4.2 مليار دولار أمريكي وتواصل نموها المتسارع. إننا فخورون بتحقيق هذه الإنجازات ونحن ما نزال في بداية مسيرتنا».
استثمارات «مبادلة»
قال وليد المقرب المهيري، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة والرئيس التنفيذي لقطاع الاستثمارات البديلة والبنية التحتية في شركة «مبادلة للاستثمار»: «إن الشركة أصبحت أقوى عقب عملية الدمج التي جرت بين مبادلة للتنمية وشركة الاستثمارات البترولية الدولية، ونحن فخورون بهذا الأمر؛ حيث إننا نستثمر ما بين 25-30 مليار دولار في الصناعات البتروكيماوية، عقب الاندماج وهذا رقم كبير جداً، إلى جانب الاستثمار في العديد من المجالات والقطاعات الأخرى».
وذكر أن نضج الأصول أمر مهم لرأس المال الحكومي الذي تسير به «مبادلة للاستثمار». وأوضح أن الشركة تستثمر في أعمال التكنولوجيا التحويلية، مشيراً إلى تعامل الشركة مع سويس بنك و صناديق استثمارية في السعودية وجرى رصد استثمارات تصل إلى 93 مليار دولار منها 50 مليار دولار من قبل «مبادلة»، وجرى تنفيذ 15 استثماراً بعضها في السيليكون فالي وأشباه الموصلات والروبوتات.
وأضاف: «نتطلع إلى التوسع والاستمرار أكثر في الأعمال التحويلية ونفكر بمستوى أكبر، ونحن سعداء بوجود أشخاص وجهات تطرق أبوابنا للعمل معنا ».
وذكر أن «مبادلة للاستثمار» تسعى للتوجه نحو القطاعات المختلفة والاستثمارات الجديدة، حيث تركز على البنية التحتية والنقل والطرق».
النمو طويل الأجل
ناقش ريشي كابور، الرئيس التنفيذي المشارك لدى «إنفستكورب» فرص النمو طويل الأجل بشكل عام في بعض القطاعات الاقتصادية التي يرى فيها البنك آفاقاً واعدة في المنطقة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والبنى التحتية.
وفي معرض حديثه عن إيجابيات وتحديات تقييمات أسعار الأصول في مجال الأسهم الخاصة، قال ريشي: «لقد بلغت التقييمات حالياً مستويات ذروتها، ما يعتبر الوقت المثالي للمستثمرين لاتخاذ الخطوات المناسبة التي تميزهم عن غيرهم، ومن بينها على سبيل المثال تحديد قطاعات السوق التي تتمتع بإمكانات نمو طويلة الأجل تفوق معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتحديد الشركات ضمن تلك القطاعات ممن لديها الفرصة لزيادة حصتها السوقية فيها».
كما تطرق ريشي أيضاً للتطور الذي يشهده قطاع الاستثمارات الخاصة في المنطقة، في وقت باتت فيه الشركات العائلية تدرك بشكل متزايد أهمية وقيمة التعامل مع الشركات الاستثمارية ذات الخبرة لمساعدتهم في سعيهم لتعزيز نمو أعمالهم وتحسين مستوى المهنية في إدارتها.