Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | الخليج
Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

فلسطين والقدس.. بارود إدارات أمريكية متعاقبة أشعله ترامب

$
0
0
إعداد:وائل بدر الدين

كانت الولايات المتحدة ومنذ الإعلان عن تأسيس دولة «إسرائيل» في العام 1948، الحليف الأقوى والأكبر لها، وقد كان تطور العلاقة الخاصة بالسياسة الأمريكية تجاه «إسرائيل» من منظور السياسيين الأمريكيين تدريجياً، إذ إنهم يصفون تلك العلاقة التي امتدت بين العامين 1948 و1951 ب «الأصل الاستراتيجي»، وهو التعريف الذي تطور إلى «التعاون الاستراتيجي» خلال السبعينات، إلى أن خلص منظرو السياسة الأمريكية واللوبي اليهودي إلى أن قوة «إسرائيل» هي قوة الولايات المتحدة، وأن تلك القوة لا تفيد «إسرائيل» فحسب، بل إنها تصب أيضا في صالح الولايات المتحدة وهيمنتها على العالم.
فبعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة «لإسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها مع وقف التنفيذ مؤقتا، ضاربا عرض الحائط جميع المطالبات والمحاذير الدولية، تصاعدت موجات الغضب والتنديد بالقرار في الدول الغربية قبل الإسلامية، لأن القرار يعتبر مساسا صريحا بمكانة القدس لدى أكثر من مليار مسلم حول العالم، علاوة على أن القرار يخالف القوانين الدولية والاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين و«إسرائيل». واعتبرت الكثير من دول العالم وحتى الصحافة الغربية القرار على أنه تهور وينطوي على العديد من المخاطر التي تهدد عملية السلام بشكل مباشر، فضلا عن أنه يلغي جميع الاتفاقات السابقة بين الجانبين فيما يتعلق بمدينة القدس ومكانتها. وإضافة إلى كل ذلك فإن عدم وضوح رؤية معالم حدود مدينة القدس من الجانب الأمريكي، عزز من موجات الغضب ضد القرار.
ويعتبر قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد الاعتراف بها عاصمة رسمية ل «إسرائيل»، آخر حلقة من مسلسل دعم الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ العام 1948 للكيان الذي يدعى «إسرائيل» زوراً أنها حق لها، في انحياز كان واضحا بشكل أكبر لدى الرؤساء الجمهوريين، إلا أن الديمقراطيين أيضاً لم يتخلوا عن دعم «إسرائيل» ولو أنهم أقل حدة من الجمهوريين، فقد صدر قانون نقل السفارة إلى القدس في العام 1995 في عهد الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون.
وشهدت القضية الفلسطينية أكثر تحولاتها إثارة خلال عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي تبادل معهم التصريحات التي تشير إلى قوة ودفء العلاقة بينهما، حيث صرح نتنياهو في يناير أنه يرغب في أن تكون علاقة دولته مع الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب «أقوى من أي وقت مضى»، وأتبعه بزيارة نتنياهو إلى واشنطن إبان تولي ترامب مقاليد الرئاسة، بترحيب حار جداً، وقال ترامب حينها إن العلاقة بين الطرفين أبدية ولا يمكن المساس بها. وشهدت الفترة الأولى من تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة تراجعا ضمنيا يكاد يكون صريحا من تعهدات واشنطن السابقة بخيار حل الدولتين، حيث أشار ترامب حينها إلى أنه يفضل خيار الدولة الواحدة إذا ما أدى ذلك إلى السلام الكامل بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين». وأصبح ترامب أول رئيس أمريكي يزور حائط البراق في القدس أثناء ولايته، وفي اليوم التالي أعلن نتنياهو أن دولته ستتسلم 75 مليون دولار كدعم عسكري من الولايات المتحدة، وتتوجت كل تلك الأحداث بإعلان ترامب القدس عاصمة ل «إسرائيل» قبل بضعة أيام، بتأثير كبير لجولات صهره جاريد كوشنر حول العالم، وفقا لوسائل إعلام أمريكية.

تسلسل زمني للتعامل الأمريكي مع فلسطين

تمتد علاقة الولايات المتحدة ب«إسرائيل» والقضية الفلسطينية إلى ما قبل الإعلان عن تأسيس «إسرائيل» في العام 1948، فقد تنبأت الحكومة الأمريكية في العام 1922 بتأسيس الدولة اليهودية، إذ صدر القرار رقم 322 من جانب الكونجرس الأمريكي لما يتعلق بتأسيس الدولة الذي جاء كتدعيم لوعد بلفور المشؤوم، الذي نص تمهيده على «أن الأرض المعروفة اليوم على أنها فلسطين، كان يسكنها اليهود منذ قديم الزمان وحتى العصر الروماني، وهي الوطن الأبدي لأسلاف اليهود». كان ذلك القرار القاعدة التي استندت إليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في انحيازها الواضح ل«إسرائيل» على حساب الحق الأصيل للفلسطينيين في أرضهم، حيث اعتمدت الدولة في بداياتها على الدعم الأمريكي اللامحدود، بداية من القرار المذكور. وكانت الولايات المتحدة في عهد الرئيس دوايت آيزنهاور ملتزمة ببقاء «إسرائيل» رغم أن العلاقات الثنائية بينهما كانت محدودة نسبيا مقارنة بالإدارات التي تلتها.
بعيد لحظات فقط من إعلان ديفيد بن غوريون تأسيس الدولة اليهودية في الرابع عشر من مايو 1948، اعترف الرئيس الأمريكي وقتها هاري ترومان بالدولة الوليدة بعد 11 دقيقة فقط من ذلك الإعلان، وذلك رغم التوترات النسبية التي شابت علاقة الولايات المتحدة ب «إسرائيل» خلال السنوات الأولى من إعلانها، خصوصا وأن إدارتي ترومان ومن بعده دوايت آيزنهاور كانتا تلعبان على حبل سياسي حساس، في محاولة للإبقاء على علاقاتهما مع الدول العربية، وفي الوقت ذاته دعم «إسرائيل» بكل قوة، حتى أن الولايات المتحدة عارضت وبشدة العدوان الثلاثي من جانب «إسرائيل» وبريطانيا وفرنسا على مصر في العام 1956 وهددت بوقف الدعم المالي لها حتى اضطرت «إسرائيل» إلى الانسحاب من سيناء.
وبالنظر إلى تسلسل الأحداث والمواقف من جانب الإدارات الأمريكية المتعاقبة، نرى أنها لم تألُ جهداً في دعمها ل«إسرائيل» عبر موازنات دقيقة تهتم بعلاقاتها مع الدول العربية، فبعد الاعتراف السريع بالدولة من جانب الرئيس هاري ترومان، والذي كان أول رئيس يعترف بها، توالى الدعم الأمريكي في جميع المناسبات. فخلال حرب النكسة 1967 بين العرب و«إسرائيل»، ظهر الدعم الأمريكي الواضح لكيان الاحتلال وسعيه إلى التوسع واحتلال المزيد من الأراضي العربية التي تضمنت سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، وذلك رغم هجوم «إسرائيل» في المياه الدولية على سفينة التجسس الأمريكية «يو اس ليبرتي» إبان الحرب، وهو الهجوم الذي قتل فيه 34 جنديا من البحرية وإصابة 174 آخرين، حيث قرر الرئيس الأمريكي وقتها ليندون جونسون دعمها رغم ذلك الهجوم بكميات كبيرة من السلاح عبر صفقات تم توقيعها والتصديق عليها سريعا، وبعد ذلك دوما ما حاولت واشنطن بإداراتها المتعاقبة إيجاد طريقة سحرية لدعم الكيان الصهيوني بالكامل، والإبقاء على علاقاتها مع الحلفاء العرب، والدور الآخر المتمثل في العمل كوسيط بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين».
«لنجعل الأمر واضحاً، نحن لن ندير أبداً ظهورنا أو نتخلى عن أصدقائنا في «إسرائيل»، التي تنتهج نهجاً واضحاً في الديمقراطية، ويجب على جميع أصدقاء الديمقراطية دعمها».. هو أبرز تصريح أدلى به الرئيس الأمريكي جون كينيدي فيما يتعلق بعلاقة إدارته مع «إسرائيل»، فخلال إدارة كينيدي، تمكنت من شراء صواريخ هوك المضادة للطائرات في العام 1962 لأول مرة، حيث أظهرت برقية أرسلتها الخارجية الأمريكية إلى نظيرتها في «إسرائيل» استعداد الولايات المتحدة لتزويد «إسرائيل» بنظام هوك الصاروخي، مشيرة إلى أن ذلك يهدف إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين الدولتين وتعزيز القدرة الدفاعية ل«إسرائيل».
وفي العام 1973، سارع الرئيس ريتشارد نيكسون لمساعدة «إسرائيل» في حرب أكتوبر من العام 1973 ضد كل من مصر وسوريا ودول عربية أخرى التي احتلت أجزاء من أراضيها في حرب النكسة 1967، حيث أمر نيكسون بإرسال قطع حربية بشكل عاجل للتصدي لما وصفه وقتها ب«الاعتداء» على «إسرائيل». وبعد ذلك بدأت الإدارة الأمريكية في اللعب على وتر توازن العلاقات مرة أخرى، حيث هددت إدارة الرئيس جيرالد فورد في العام 1975 بإعادة تقييم علاقاتها مع «إسرائيل» ما لم توقع مع مصر على معاهدة فك الاشتباك للانسحاب من سيناء التي احتلتها «إسرائيل» في العام 1967. وتبع ذلك في العام 1979 توقيع معاهدة السلام بين مصر و«إسرائيل» برعاية من الرئيس جيمي كارتر. واتخذت الأحداث في العام 1991 منحىً جديدا بعد أن قام وزير الخارجية الأمريكية وقتها جيمس بيكر بدعوة الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي» إلى إبداء الجدية في مفاوضات السلام.
ورغم الدعم المحدود للديمقراطيين مقارنة بنظرائهم الجمهوريين ل«إسرائيل» فقد كان بيل كلينتون أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين كسبوا قلوب «الإسرائيليين»، أولا بصدور قانون نقل سفارة الدولة إلى مدينة القدس في عهده وبدعم كبير منه شخصياً، حتى دموعه الشهيرة في تأبين إسحاق رابين الذي قتله متطرف يهودي، حيث قال خلال تلك المناسبة وباللغة العبرية ما معناه «وداعا يا صديقي»، وهي اللحظة التي عززت من مشاعر «الإسرائيليين» الإيجابية تجاهه. وفي العام 1998 استضاف كلينتون قمة بين كل من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو بولاية ميريلاند، وهو الاجتماع الذي وافق فيه نتنياهو على تسليم بعض الأراضي التي احتلها اليهود واستوطنوا فيها إلى السيطرة الفلسطينية، بما في ذلك أجزاء من الضفة الغربية والخليل، وهو الأمر الذي يبدو وأنه كان مجرد حبر جف سريعاً حتى قبل انقضاء الاجتماع، حيث توسعت «إسرائيل» بعدها في بناء مستوطناتها بلا هوادة خصوصا في الضفة الغربية، ولم تُلقِ بالاً للقرارات والمطالبات الدولية التي تدعو إلى وقف بناء مستوطنات جديدة.
وازداد حجم الدعم الأمريكي المتواصل ل«إسرائيل» بعد انقضاء فترتي بيل كلينتون وخروجه بفضيحة ما زالت تلاحقه حتى الآن، وما انفكت إدارة جورج بوش الابن من تكرار الدعم المتواصل ل«إسرائيل» والإشارة إلى أن الدولتين واجهتا الكثير من التحديات وتتبنيان نفس المبادئ، وأن الدولتين تمكنتا من تأسيس نظامين ديمقراطيين لا مثيل لهما في العالم. وحتى في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما التي كانت خلالها العلاقات الأمريكية «الإسرائيلية» في أضعف مستوياتها، لم تفوت الإدارة أي فرصة لدعم الكيان الصهيوني في كل مناسبة، حيث أشاد أوباما مرارا وتكرارا بقوة العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ببعضهما.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

Latest Images

Trending Articles



Latest Images

<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>