انطلقت، أمس، في فندق سانت ريجيس السعديات فعاليات الدورة الخامسة ل«ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2018»، تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على دور الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة في تحفيز الابتكار والإنتاجية ودفع مسار النمو والازدهار في دولة الإمارات.
شهد افتتاح الملتقى سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس دائرة النقل في أبوظبي، والدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير دولة. كما حضره جاسم محمد بوعتابه الزعابي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، وسيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، ورياض عبد الرحمن المبارك رئيس دائرة المالية، وعبد الله بن بطي آل حامد رئيس هيئة الطاقة في أبوظبي، والدكتور علي النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة، وعبد الله مصلح الأحبابي رئيس هيئة كهرباء ومياه أبوظبي، وعويضة مرشد المرر رئيس دائرة الطاقة، وعبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، وخليفة بن سالم المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، وسامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية دبي، وعدد من كبار المسؤولين في الدولة.
توقعات نمو
توقعت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي أن يحقق اقتصاد الإمارة معدل نمو بنحو 3% بالأسعار الثابتة مع نهاية العام 2018، يدعمه في ذلك نمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بمعدل 4.2%، فيما توقعت أن يصل النتائج الإجمالي لإمارة أبوظبي إلى نحو 800 مليار درهم في 2017، في الوقت الذي تم ضخ استثمارات تفوق ال30 مليار درهم على المشاريع الاستراتيجية الجديدة في الإمارة.
فيما توقعت اقتصادية دبي، أن ينمو اقتصاد الإمارة بمعدل 3.5% عام 2018 و3.7% في 2019، إلى جانب زيادة الطلب الكلي بمقدار 15 مليار درهم إضافي يتوقع إنفاقها على مشاريع الطرق والمواصلات لإكسبو 2020 نتيجة للمشاريع الحكومية مع تخصيص ميزانية الحكومة لعام 2018 مبلغ 5 مليارات درهم على مدار السنة، إضافة إلى مبلغ مساوٍ لعام 2019.
اقتصاد قوي
وقال سيف محمد الهاجري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، خلال كلمته في فعاليات الدورة الخامسة لملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2018، تحت شعار «الاستثمار الأجنبي المباشر لدعم النمو والازدهار»: «على الرغم من حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد العالمي، إلا أن اقتصاد أبوظبي أثبت قدرته على امتصاص الصدمات والتعامل الناجح مع مختلف التحديات، حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بلغ نحو 4.2% بالأسعار الثابتة في المتوسط خلال الفترة (2012-2016)، مدعوماً بنمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، التي شهدت نمواً ملحوظاً خلال الفترة نفسها، بلغ نحو 5.7% في المتوسط».
اتجاه إيجابي
وأضاف الهاجري أن توقعات دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي تشير إلى استمرار هذا الاتجاه الإيجابي في المستقبل؛ إذ إنه من المتوقع أن يحقق اقتصاد الإمارة معدل نمو نحو 3% بالأسعار الثابتة مع نهاية 2018، يدعمه في ذلك نمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بمعدل 4.2%. وقال إن الأمر الذي يؤكد سلامة النهج المتوازن الذي تتبعه حكومة أبوظبي، والقائم على توسيع قاعدة الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الدخل، هو ما أفضى إلى خلق اقتصاد قوي قادر على التعامل مع تقلبات إيرادات النفط وتقلبات أسواق الأسهم أو العقارات.
وأكد حرص دائرة التنمية الاقتصادية والتزامها بتقديم كافة أشكال الدعم لعملية التحول الهيكلي، التي يشهدها اقتصاد أبوظبي، من خلال وضع الخطط والسياسات الاقتصادية، وتعزيز نمو القطاعات الاستراتيجية، وتحسين مستويات الإنتاجية، والارتقاء ببيئة الأعمال، وتوفير الخدمات المتميزة للمستثمرين، وصولاً للاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، مع الحفاظ على تحقيق مبادئ الاستدامة.
ناتج أبوظبي
من جانبه، توقع خليفة المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، في تصريحات صحفية على هامش الملتقى، أن يصل النتائج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي إلى 800 مليار درهم في 2017، مؤكداً أن حكومة أبوظبي ستواصل سياسة الإنفاق في المشاريع الرأسمالية، و البنى التحيته، فيما سيصدر قريباً توضيحات خاصة بموازنة أبوظبي وأهم المشاريع التي ستكون في الموازنة، بما فيها المشاريع الجديدة. وكشف المنصوري عن وجود استثمارات تفوق ال30 مليار درهم، في المشاريع الاستراتيجية في الإمارة، و تشمل توسعة المطار والمدينة الثقافية وغيرها من المشاريع التي ستستكمل خلال العامين القادمين، مرجحاً أن يكون لها تأثير كبير على قطاعات السياحة والأعمال.
القطاع الخاص
وأكد المنصوري ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في النتائج المحلي، في ظل سياسة الحكومة في تشجع هذا القطاع على الاستثمار، لتكون مساهمته أكبر في النتائج المحلي في الفترة القادمة. وفيما يتعلق بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، حذر المنصوري من أن أي مخالف للضريبة، ستطبق عليه قوانين المخالفات التي تبدأ من 40 ألف درهم إلى 100 ألف درهم، وقد يصل إلى حد إغلاق المنشأة، مشيداً في الوقت ذاته بقيام بعض الشركات بتحمل ضريبة القيمة المضافة وإعفاء المستهلكين منها.
مرونة كبيرة
بدوره، أكد عبد الله بن أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، خلال كلمة ألقاها نيابة عن سلطان المنصوري وزير الاقتصاد، أن الاقتصاد الوطني يظهر مرونة كبيرة في مواجهة الضغوط والتحديات، التي اتسمت بها السنوات القليلة الماضية، محافظاً على مكانته المرموقة كثاني أكبر اقتصاد عربي، وإحدى أهم الوجهات على مستوى المنطقة والعالم للتجارة والاستثمار والأنشطة الاقتصادية.
واستعرض أهم المؤشرات الاقتصادية التي تعكس سلامة النهج الاقتصادي المتبع، ومن أبرزها نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 بنسبة 3% مقارنة بعام 2015، ونمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال العام نفسه بنسبة 2.7%، مشيراً إلى أن التقارير الوطنية والعالمية المتخصصة تتوقع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 3.4% خلال 2018، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 3.7% خلال العام نفسه.
مبادرات استثنائية
وأضاف أنه بفضل المبادرات الاستثنائية، التي تطلقها حكومة دولة الإمارات، اتخذت مسيرة التنمية في الدولة توجهاً بعيد المدى يقوم على استشراف المستقبل وتحقيق الاستدامة وبناء اقتصاد ما بعد النفط، لا سيما مع إطلاق «مئوية الإمارات 2071» لتكون خريطة طريق لتحقيق الازدهار والتقدم خلال الأعوام الخمسين المقبلة وفق أفضل المعايير والاتجاهات العالمية، التي بات ينظر إليها اليوم باعتبارها مقومات رئيسية لتحقيق التنمية المستقبلية.
واكد آل صالح أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات مع نهاية عام 2016 اقترب من 1.4 ترليون درهم إماراتي (بالأسعار الثابتة)، محققاً نسبة نمو وصلت إلى 3 في المئة مقارنة بالعام 2015. وبين وكيل وزارة الاقتصاد أن القطاعات غير النفطية حققت نمواً خلال عام 2016 بنسبة تصل إلى 2.7 في المئة، ووصلت نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 69 في المئة بالأسعار الثابتة.
جهود وطنية
وتابع آل صالح: ستستمر الجهود الوطنية المرتكزة على سياسة التنويع الاقتصادي في تمكين هذا التوجه خلال المرحلة المقبلة لرفع حصة القطاعات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% على الأقل بحلول عام 2021، لافتاً إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات مرشح للنمو بنسبة تقدر ب 3.4 في المئة خلال العام 2018. وبحسب تقديرات مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، يتوقع للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدولة أن يشهد نمواً بنسبة 3.9 في المئة خلال 2018. وقال آل صالح: «تواصل الدولة تقدمها في مختلف القطاعات الرئيسية.. ففي مجال التجارة الخارجية، حققت الدولة خلال عام 2016 نمواً بنسبة 1 في المئة مقارنة بعام 2015 في حجم التجارة الخارجية غير النفطية، الذي وصل إلى 1.564 تريليون درهم، شاملاً تجارة المناطق الحرة، كما بلغت نسبة النمو على مدى السنوات الخمس الماضية نحو 4 في المئة».
التجارة بالنصف الأول
وصلت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية في النصف الأول إلى 784 مليار درهم محققة نمواً بنسبة اقتربت من 1 في المئة مقارنة مع ذات الفترة من 2016 وتشير توقعات وزارة الاقتصاد بأن تقترب من 1.7 تريليون درهم خلال 2017. وأضاف آل صالح بالتوازي مع ذلك، ارتفع عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة إلى 400 ألف شركة، كما ارتفع إجمالي الاستثمار في قطاعات الصناعات التحويلية إلى 131 مليار درهم حتى نهاية الربع الثالث من عام 2017، وازداد عدد المصانع بنسبة 2.8 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016.
وارتفعت نسبة مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى أكثر من 12%.
وزاد إن الإمارات حققت ارتفاعاً في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إليها خلال 2016، ووصلت إلى أكثر من 33 مليارا في 2016، وبنسبة نمو 2.3% مقارنة بعام 2015 ومستحوذة على ثلث التدفقات الواردة إلى دول غربي آسيا، وتأتي في المرتبة الأولى عربياً، وهو ما يعكس التنافسية الاستثمارية المتزايدة لقطاع الأعمال.
من جانبه، قال سامي القمزي، مدير عام اقتصادية دبي، أظهرت أحدث دراسات اقتصادية دبي أنه من المتوقع أن ينمو اقتصاد دبي بمعدل 3.5% عام 2018 و3.7% في 2019.
تحذيرات من ارتفاع التضخم
حذرت جهات في القطاع الخاص من احتمالية ارتفاع نسب التضخم أكثر من المتوقع بعد تطبيق ضريبة القيمة الماضية، مع توقعات بتراجع القوى الشرائية، وارتفاع الأسعار، نظراً لارتفاع التكلفة.
وقال الدكتور أحمد حسين بن الشيخ، المدير العام لمجموعة مصانع حسن بن الشيخ، إن القطاع الخاص يفتقر للمعلومات الكافية بشأن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، كون المعلومات وصلت متأخرة، مشيراً إلى أن تطبيق النظام الجديد تسبب في زيادة رسوم المعاملات، إضافة إلى أن الشهور الثمانية الماضية شهدت هدوءاً نسبياً في حركة الاقتصاد، كما أن سعر التكلفة زاد، وأدى ذلك إلى رفع الأسعار.
وقال إن الضريبة ستؤدي مستقبلاً إلى زيادة نسب التضخم أكثر من المتوقع، في المقابل ستتراجع القوى الشرائية، وسيتحرك الاقتصاد في وتيرة هادئة أكثر مما كان عليه سابقاً. وأضاف أن المشكلة تكمن في أن العديد من شركات القطاع الخاص كانت تتوقع تأجيل عملية تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ومعظمها لم يكن جاهزاً للتطبيق.
تأثير «المضافة» مرتبط بنمط الحياة
قال خالد البستاني، المدير العام للهيئة الاتحادية للضرائب، إنه تم بناء ضريبة القيمة المضافة بحيث يجري تحصيلها إلكترونياً، بالرغم من التحديات لكونها أول تجربة للدولة بهذا الخصوص، مشدداً على ضرورة تغيير جملة من المبادئ في مجال ممارسة الأعمال، بالتعاون مع الجهات الحكومية للإعداد للضريبة التي وصلت إلى مرحلة مبكرة من التطبيق.
وفي ما يتعلق بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للضريبة، أوضح البستاني أن التأثير يرتبط بنمط حياة الشخص، لاسيما أنه على مدار ال 13 عاماً الماضية درسنا تلك الآثار، ولدينا نظام تشارك فيه جميع الحكومات الاتحادية، ونحاول أن نعمل مع القطاعات الخاصة، بحيث لا نهدف إلى تغريم الشركات، وإنما إعداد نظام ضريبي ناجح.
مناقشات متنوعة
شهدت فعاليات اليوم الأول للملتقى مناقشات حول الآفاق الاقتصادية لدولة الإمارات للسنوات القادمة، إضافة إلى السياسة الضريبية الجديدة في الدولة مع إشارة خاصة إلى دور ضريبة القيمة المضافة في تحقيق الاستدامة المالية.
وتركز فعاليات اليوم الثاني على واقع الاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة وآفاق المستقبل والسياسات المقترحة لتعزيز مساهمة هذه الاستثمارات في برامج وخطط التنمية.