Quantcast
Channel: صحيفة الخليج | الخليج
Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

الثقافة سلاح ذو حدّين

$
0
0

عبد اللطيف الزبيدي

هل على المثقفين العرب أن يعيدوا النظر في الثقافة ودورها؟ هل يُعقل أن تظل ثقافتنا منعزلة عن العالم المتغيّر، ويبقى المثقفون ينظرون إليها كمادّة تتراكم ولا فعل لها؟ هم في حيرة من أمرهم، وسط الأمواج المتلاطمة، لا قدرة لهم على ابتكار فكرة إنقاذيّة لعالم عربيّ أسلمه النظام العربيّ للأعاصير.
هنا نطرح قضيّة من شأنها إيقاظ الذهن، لإدراك أن الفكرة أخطر من القنبلة الهيدروجينيّة. السؤال: كم في العالم العربيّ كله، من مثقف في وزن الجهنميّ برنارد لويس، في إلمامه باللغات الساميّة والشرقيّة والغربيّة، والتاريخ العربيّ والإسلاميّ؟ المقصود المنظومة بكاملها غير مجزّأة. ماذا فعل هذا المثقف الكبير الصهيونيّ بثقافتنا؟ كيف سخّر لغاياته مراكز القوى الأمنيّة والاستراتيجيّة في الولايات المتحدة، وانضم إلى عقول فريدة من طراز برجنسكي وكيسنجر؟ الثعلب هنري نموذج آخر للمثقف العارف بالتاريخ، تاريخ الفكر السياسيّ بخاصّة. العربيّ المثقف لا يتعامل مع الثقافة كأفكار قادرة على تغيير الواقع الماديّ، وكمعلومات، بمفهوم المعلوماتيّة، يمكن أن تحوّل أصفارها وآحادها إلى حروف وألوان وأصوات وشخوص متحركة.
معنى ذلك في الوجه الآخر من الصورة، أنه كان إذاً في الإمكان ظهور مثقفين عرب ذوي ثقافة فاعلة، يستخرجون للعرب كل الإيجابيات الحيويّة في التراث، ويجعلونها أساساً لبناء نهضة تنمويّة، بفضل إقناع الأبواب العالية من الماء إلى الماء بإطلاق مشروع حضاريّ عصريّ. «نجاح» المستشرق الحاقد في تفتيت العالم العربيّ، يقابله إمكان تحقيق العكس بفضل الثقافة الفاعلة. المعضلة هي أن الاستنهاض لدينا ظل دائماً نفخاً في الرماد الجليديّ في الصفر المطلق.
عنصر الإلمام باللغات التي لها تاريخ عريق على الأرض العربيّة اليوم، له دور محوري بنّاء في إحكام اللحمة والأواصر، بين الأصول العربية والآراميّة والأمازيغيّة والقبطيّة والنوبيّة والكرديّة والمكوّنات الدينيّة والمذهبيّة. فكرة التأليف والتوفيق ونزع فتائل الفتن، هي الغائبة، وهذه ثقافيّة أوّلاً وآخراً. لماذا يفوقنا مستشرق تخريبيّ التفكير والنزعة في فهم السلبيات والإيجابيات في ميراث أربعمئة مليون عربيّ، يفرقعهم بفكرة يسخّر لها الإمبراطوريّة ويحملها على تنفيذ «مشروع» ليشمل عدداً آخر من البلدان الإسلامية، تقسيماً وتهشيماً بقسوة لم تعرفها القرون الخالية؟ لا يزال مفهوم الثقافة لدى أغلبيّة المثقفين العرب منحصراً في الأجناس الأدبيّة والنقد والفنون التشكيليّة والموسيقى (المثال الفاقع على السقوط الحرّ)، بينما ثقافة الفعل إلى جوار أهل الرقيم.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغويّة: الثقافة الرقيميّة في عصر الرقميّ.

abuzzabaed@gmail.com


Viewing all articles
Browse latest Browse all 56024

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>