مع انتهاء الفصل الأول من كل عام دراسي، يشعر الطلاب وأولياء الأمور أنهم تنفسوا الصعداء، بعد مضي فصل يبدو طويلاً جداً من كثرة اللهاث فيه، والسعي للحاق بمنهج جديد واختبار أساليب وطرق تعليمية متجددة، وتنفيذ أكبر كم من المشاريع التطبيقية، ناهيك عن الاختبارات القصيرة والربع والنصف اختبار والامتحانات.
أنفاس مقطوعة، أعصاب مشدودة، والأمل كبير لدى كل طالب وأهله بأن هذا الركض سينتهي بالتميز والفوز غير المسبوق، إلا أن نتائج امتحانات الفصل تكشف عن «هبوط غير معهود» حتى في مستوى الطلاب المتميزين والمتفوقين.
إنها مشكلة كل عام، التي لم نعرف كيف نتأقلم معها بعد، أو نتفاداها ونتحضر لها، لأن المناهج التربوية لا تمشي على خط واحد منذ أعوام، وما زلنا في طور الاختبار إلى أن نصل يوماً ما إلى الثبات والاستقرار على خريطة واحدة واضحة، ندرك معها أنها الأفضل، فيبدأ الطلبة والأساتذة والمسؤولون في المدارس ومعهم أولياء الأمور في التأقلم والإحساس بأن التقلب الوحيد الذي سيطرأ كل عام، هو الانتقال الطبيعي للطلبة من مرحلة تعليمية إلى أخرى، وما تفرضه من وقت قصير للتأقلم مع المدرسين والمواد.
هي ليست مشكلة مدرسة معينة أو طالب ما أو حتى طلاب مرحلة ثانوية مثلاً.. هي مشكلة الفصل الأول «المضغوط» دائماً، والذي تأتي ثماره إحباطاً مع الامتحانات التي تهبط بمعدلات الطلبة إلى ما دون المتوقع، ودون مستوى المجهود الحقيقي الذي يبذله الطالب، فتؤثر سلباً في «التقويم» والدرجات النهائية في آخر العام الدراسي.
جيد أن تكون الامتحانات صعبة، لكن مع مراعاة ما يسبقها من أعمال وكيف يتم تهيئة الطلاب لاستقبالها وليكونوا على قدر هذا «التحدي»، علماً أن مفهوم الامتحان يجب أن يكون اختباراً للمستوى وللفهم والاستيعاب لا «تحدياً» ومعركة يخوضها الطالب بعد أن استنفد كل طاقته طوال الفصل الأول. هذا الضغط والوتيرة المتسارعة التي تعمل بها المدارس في الفصل الأول، لن يجعلا الطالب متمكناً من المواد التي يتعلمها، بل مشغولاً بإنهاء الواجبات وتطبيق المطلوب منه، والمدرسون يركضون لإنهاء جداول أعمالهم بغض النظر عن مدى استيعاب طلابهم للمادة، والبعض يقفز فوق الأسئلة التي يطرحها التلاميذ «لأنه لا وقت لديه، ويجب إنهاء الدرس وإجراء الاختبارات والامتحان في الوقت المحدد».
ماذا يحمل الطلاب من معلومات لاستكمال فصلهم الثاني، والسير نحو نهاية العام مطمئنين واثقين مما لديهم من ثمار حصدوها؟ الجواب واضح في الدرجات التي صدمت أولياء الأمور وأبناءهم، والتي يستحيل أن يعوضها الطالب في الفصل الثاني، بل سيدفع ثمنها في التقويم الأخير. فهل تستمر معاناة الطلبة وأهاليهم والمدرسين مع الفصل الأول الذي أصبح عبارة عن اختبار لهم ولنا، نخوضه جميعاً بلا أي متعة وباستفادة منقوصة؟
marlynsalloum@gmail.com