فرق كبير بين «صغار الموهبة» و«موهبة الصغار». في عالم الغناء نجد بين الكبار من يملكون موهبة «صغيرة»، أصوات تؤدي ولا يمكنها أن ترتقي إلى مستوى الغناء والطرب، ومع ذلك تقف في الصفوف الأولى وتتصدر المشهد الفني في العالم العربي، وتُنسب إلى «المشاهير»، وتجد من يدعمها ويروّج لها ويصدر لها ألبومات وفيديو كليبات ويدعوها لإحياء حفلات..
وفي عالم الغناء أيضاً نجد صغاراً إنما موهبتهم كبيرة، تفاجئنا بقدرتها على منافسة الكبار، وقادرة على تأدية أصعب الأغاني والمواويل والقدود والطرب الأصيل، وهي بعد لم تقف على سلالم تعليم الغناء، ولم تطرق أبواب الكونسرفتوار.
«ذا فويس كيدز» من البرامج الأغنى على الشاشة، لأنه يملك من المواهب الحقيقية الكثير. يكشف النقاب عن أطفال أتوا من مختلف أنحاء العالم العربي، يقفون على الخشبة بكل ثقة، يغنون، يسرقون قلوب الجمهور وأعضاء لجنة التحكيم، ويستحقون أن تُفتح أمامهم كل الأبواب ليصيروا فنانين حقيقيين، ولن نقول نجوماً، فقد تشبعنا من هذه الفئة، وإنما ينقصنا اليوم مجموعة «فنانين» على مستوى عال من جمال وتهذيب الصوت والأداء السليم والغناء من أجل الغناء لا من أجل الشهرة وبريق النجومية.
كل الصغار الذين تم اختيارهم في مرحلة «الصوت وبس»، يملكون الكثير من تلك المواصفات. وكلما غادر أحدهم البرنامج، شعرنا بالأسف وتساءلنا عن أسباب تمسك القناة بتطبيق «فورمات» البرنامج بدقة، دون محاولة الاستفادة منه ومن هؤلاء الصغار، وإنشاء مدرسة موازية، يتعلم فيها الأطفال الذين تم قبولهم في المراحل الأولى ولم يكملوا حتى النهاية، أصول الغناء مع مواصلة التدريب تماماً مثل الكونسرفتوار؟
لماذا يبقى تفكير القنوات محصوراً في إطار الاستفادة المؤقتة من برامجها، ولا تذهب إلى ما هو أبعد وأعمق وما يضمن الاستمرارية؟ تبنّي هؤلاء الأطفال الموهوبين، يتيح لأي قناة أن تنشئ أجيالاً جديدة من «المطربين» وليس فقط المغنين أو المؤدين، والعالم العربي كله يحتاج إليهم. ولا شك في أن القناة ستعرف كيف تستفيد من تلك الأصوات، وكيف تقيم المهرجانات وربما يغنون تترات الأفلام والمسلسلات.
الاستثمار في المواهب مثمر دائماً، فكيف إذا تم احتضانها وهي بعد فتيّة نضرة «خام»، لتنشأ على أصول الغناء وتنطلق؟ كل المشاركين في «ذا فويس كيدز» هذا الموسم يملكون موهبة حقيقية، ولكل منهم ما يتميز به عن الآخرين، وكلهم يستحق الفوز والتصفيق. لذا نتمنى ألا تُهدر تلك الزهور الفنية أو تُهمل، بانتظار فرص ظهور أخرى في مواسم تالية، قد تتحقق أو قد تصيب الصغار بإحباط مؤذ.
marlynsalloum@gmail.com
مارلين سلوم