ابن الديرة
توفيت لطيفة، فغرد محمد بن زايد ذاكراً مناقبها وشيئاً من سيرتها العطرة، في عبارة مختصرة دالة، حيث لطيفة يونس تبريزي، رحمها الله، قدمت من موطنها الأصلي تركيا لتستقر في العين منذ 48 عاماً، وكانت مثالاً للمرأة الخيرة المعطاء، وهبت حياتها لخدمة ومساعدة الآخرين. هكذا تكلم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يحرص، كما تربى في مدرسة زايد الخير، طيب الله ثراه، على تكريم الكرماء. هذا التكريم الجميل بعد موت لطيفة، لكن سموه كرمها في حياتها طوال سنوات عطائها الطويلة الحافلة، وكرمها يوم منحها جائزة أبوظبي التي يمنحها سموه، باسم أهل أبوظبي والإمارات، لمن أسهم في خدمة وتقدم المجتمع.
طبع الوفي الأصيل يعكس شخصية القائد الاستثنائي الشيخ محمد بن زايد، بهذه التلقائية اللافتة التي غمرت وتغمر فئات عريضة من مجتمعنا بلطفه وذوقه. ها هو اليوم يتذكر لطيفة التي خدمت مجتمع العين لمدة تقترب من نصف قرن، وقبل مدة زار معلمه الأستاذ مندي في منزله في أبوظبي، مصطحباً في الزيارة عدداً من أولاده وأحفاده، وكأنه يوجه لهم ولأجيال الإمارات الطالعة رسالته التي وصلت، تصل، مباشرة إلى القلوب: الوفاء أول الأخلاق، وتكريم الكرماء بعض أخلاق قيادة وشعب الإمارات.
وقبل أيام، أبى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلاّ أن يودع محيي الدين، العامل الهندي من ولاية كيرالا في الهند، بما يستحق، بعد خدمة أربعين عاماً في ديوان ولي عهد أبوظبي، ولقد تداولت المواقع ووكالات الأنباء، في لغات العالم المختلفة، خبر وصور «لقاء الوداع»، وتلقاه المتلقون، مقدرين لسموه ذوقه ولطفه.
محمد بن زايد هو سمو الذوق واللطف، وهذه ميزة نادرة لا تتكرر كثيراً، خصوصاً لدى أصحاب السلطة والنفوذ، لكن محمد بن زايد، كأبيه، والدنا وقائدنا، القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكأخيه القائد الفذ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عنوان حكمة وفطنة وأخلاق. بمثل هذه المناقب النادرة تستمر مدرسة زايد صعوداً وتأثيراً، فهي مدرسة مبنية على أساس المحبة والأخوة والصداقة والسلام، وهي مدرسة منذورة، منذ كانت، للمستقبل، منذ عصا زايد التي رسمت غد الإمارات على الرمل إلى واقع الإمارات الحاضر ولحظتها المضيئة الراهنة.
ما ورد هنا مجرد أمثلة اتسع لها المقام، ولكل مقام مقال، لكن المقال يتسع أن علاقة محمد بن زايد بشعبه هي علاقة الأخوّة والأبوّة، ولذلك يحبه شعبه، كما يحبه كل عربي أصيل، ولذلك ينجح ويتفوق في العمل العام، فمن ينسى لقاءاته البهية مع مواطنيه من الأجداد والآباء إلى الأحفاد والطلاب والشباب، ذكوراً وإناثاً، ومن لا يتذكر سمو الذوق واللطف محمد بن زايد، وهو يقبل أم شهيد على رأسها أو يغمر بأخوّته وأبوّته مهجة جريح من أبطال الحد الجنوبي؟
ebnaldeera@gmail.com